بنزرت: ضفة المرجان كنز سياحي في طيات النسيان
تزخر ولاية بنزرت، الممتدة على موقع استراتيجي هام على الضفاف الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط (200 كلم من السواحل البحرية)، بثروات طبيعية متميزة، وبمزارات ذات قيمة تاريخية وثقافية وبيئية هامة، ما يؤهلها لتبوء مكانة مميزة على الخارطة السياحية للبلاد، واقع الحال يقبع على طرف نقيض هذه الانتظارات، وإقبال السياح لا يزال محتشما في مقارنة بوجهات سياحية أخرى في البلاد.
تقودك زيارة مدينة بنزرت الشهيرة "بضفة المرجان"، إلى تقفي أثر الأولين في الغابر من التاريخ من خلال الموقع الأثري بأوتيك والمرسى القديم وحي الأندلس والحصن الاسباني وأسوار المدينة والقصيبة والمتحف الاقيانوسي وسيدي الحني، وموقع رأس انجلة الذي تم تدشينه يوم1 ديسمبر 2014 كأقصى نقطة بالقارة الإفريقية.
كما تتميز بنزرت بالمحمية العالمية "اشكل"، موقع طبيعي مكانته بِنُدرة رقعات جغرافية متفرقة حول العالم لم يطلها عبث البشر بمجاله الحيوي، وهي موقع طبيعي مسجل بالاتفاقيات الدولية لحماية الطبيعة.
ولا مناص من الإتيان على الموروث الحضاري والتقليدي الغالب على المقومات السياحية بالجهة، على غرار صنع الفخار بمدينة سجنان الذي أدرج رسميا بتاريخ 29 نوفمبر 2018 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي لليونسكو.
ومن بين الميزات التفاضلية الأخرى للجهة، تصنيف مدينة غار الملح كأول مدينة عربية للمناطق الرطبة، لتتصدر النظم الزراعية التقليدية الرملية ببحيرات غار الملح، قائمة نظم التراث الزراعي ذات البعد العالمي، غير ذلك، روعة الغابات وجمالية شواطئ كاب سيراط وسيدي مشرق وكاف عباد والمناطق الجمالية المحيطة بها والشاطئ الروماني بمنطقة الغيران حيث تغطي الرمال أحواض تصبير السمك على الطريقة البيزنطية.
اقر المندوب الجهوي للسياحة ببنزرت الياس مسلم لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بان جل المقومات السياحية المذكورة سالفا تخول لمدينة بنزرت أن تكون من ابرز الوجهات السياحية بتونس، إلا أن تراجع توافد السياح أصبح أكثر حدة بعد إغلاق عدد من النزل بعد الثورة التي كانت تستقطب السياح وتوفر طاقة إيواء "فلا تحتكم الولاية حاليا سوى على 25 وحدة سياحية بطاقة إيواء مقدرة ب 2399 سرير فقط، و4 مطاعم سياحية وميناء ترفيهي "مارينا كاب" ونادي للفروسية، إضافة إلى 12 وكالة أسفار صنف"ا" و"5" و صنف "ب" "، وفق تأكيد مندوب السياحة.
وتواجه السياحة في بنزرت، وفق ذات المصدر، عديد الإشكاليات في مقدمتها الإشكال العقاري الذي ساهم في نفور عديد المستثمرين، فجل الأراضي مصنفة "أراضي عسكرية" أو تابعة للديوان السكني للجيش الوطني، مشيرا إلى أن السلطات الجهوية تعمل على النهوض بقطاع السياحة بالجهة عبر الاشتغال على إحداث 32 مشروعا سياحيا بقيمة 237 مليون دينار (04 نزل و5 أقامات ريفية و10 استضافات عائلية و8 مراكز تنشيط سياحي و2 مطاعم سياحية وتليفريك)، لافتا إلى أن 40 بالمائة من هذه المشاريع في طور الانجاز، فيما لاتزال بقية المشاريع رهينة حصول أصحابها على قروض بنكية أو استكمال ملفاتهم الفنية.
وتعد السياحة البديلة من بين الحلول الأخرى للنهوض بواقع السياحة ببنزرت، فقد تم وفق مسلم، فتح 9 مشاريع سياحية تندرج في منظومة الأنماط الجديدة للإيواء، وتتمثل في 8 استضافات عائلية، والقامتين ريفيتين بطاقة استيعاب مقدرة ب 94 سريرا، من شانها أن تحقق انتعاشة اقتصادية للولاية، وفق تقديره.
واستعدادا لإنجاح الموسم السياحي الحالي، قال مسلم انه تم الانطلاق في حملة التحسيس واستدعاء العملة بالمؤسسات السياحية للتلقيح ضد فيروس "كوفيد-19" بداية من يوم 4 جوان الجاري، إضافة إلى قيام المندوبية الجهوية للسياحة من غرة جانفي إلى موفى ماي 2021، ب123 عملية تفقد ورقابة، شملت زيارات تفقد فنية للمؤسسات السياحية من نزل ومطاعم ووكالات أسفار للاطلاع على مدى تطبيقهم للبروتوكول الصحي وزيارة تفقد للمنظومة الأمنية وللمحيط السياحي ومتابعة المشاريع.
كما اتخذت المصالح المختصة، حسب ما جاء على لسان المسؤول، جملة من الإجراءات لدعم المجهود البلدي في النظافة في ظل تلاشي العمل البلدي خلال السنوات الأخيرة، منها حث أصحاب المؤسسات السياحية على اتخاذ جملة من التدابير على غرار الدهن وتجديد مياه المسابح وتفقد شبكة التطهير والتنسيق مع المصالح الجهوية لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي لضبط برنامج التنظيف الآلي للشواطئ، والسماح للمؤسسات السياحية بالتمديد في انتصاب الشمسيات قبالة الشواطئ إلى غاية 31 أكتوبر عوضا عن 15 سبتمبر.
وعبر المندوب الجهوي للسياحة عن أمله في أن يحقق الموسم السياحي الحالي نجاحا مقارنة بسنة 2019 حيث بلغت الليالي المقضاة إلى غاية شهر ماي 6075 ليلة، وبلغت في السنة الماضية 15130، بالنظر إلى حجم الاستعدادات المذكورة.