17/12/2022

انتخابات البرلمان الجديد: تنظيم آخر محطات خارطة طريق رئيس الجمهورية رغم تعدد المؤاخذات ودعوات المقاطعة

انطلقت صباح اليوم السبت وبالتزامن مع الاحتفال بعيد الثورة 17 ديسمبر، الانتخابات التشريعية لاختيار 161 نائبا للشعب في البرلمان الجديد، رغم كل ما رافق المسار الذي انطلق في 25 جويلية 2021 من تشكيك ومعارضة ودعوات للتراجع عنه من قبل عدد من الاطراف السياسية والتي دعت الى العودة للسير الطبيعي لمؤسسات الدولة وفق دستور 2014.

ولم تتوقف الدعوات لتاجيل هذه الانتخابات أو إلغائها حتى أيام قليلة من إجرائها، وهي المحطة الأخيرة من خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد في 13 ديسمبر 2021 والتي تضمنت استشارة الكترونية كبديل عن الحوار الوطني وتنظيم استفتاء على الدستور(انتظم في 25 جويلية 2022) تم بمقتضاه تغيير النظام السياسي الى جانب تنقيح القانون الانتخابي بصفة جذرية جعلت من هذه الانتخابات مختلفة عن سابقاتها على مستوى الشكل والمضمون.

وقد انطلقت عملية الاقتراع في ظروف أمنية ولوجستية عادية بالرغم من موجة التشكيك الكبرى التي رافقت المسار من بدايته والتي اعتبرت أن خارطة الطريق التي أعلن عنها قيس سعيد غير قابلة للتطبيق، وبالرغم من موجة النقد الموجهة لهيئة الانتخابات التي اتهمتها لاعديد الاطراف السياسية بعدم الحياد والاستقلالية. ورفضا لأحكام الدستور الجديد وتنقيحات القانون الانتخابي، تعددت الأصوات الداعية بإلغاء هذه الانتخابات أو على الأقل تأجيلها إلى حين الحسم في النقاط الخلافية المتعلقة بهذا القانون، وتنقية المناخ الانتخابي ومعالجة حالة الانقسام في الشارع السياسي.وتدور هذه الانتخابات وفق المرسوم عدد 55 المنقح للقانون الانتخابي الذي كان رئيس الجمهورية أصدره في 15 سبتمبر الماضي،والذي أدخل من خلاله تعديلات على القانون الانتخابي الصادر عام 2014، باقرار طريقة الاقتراع على الأفراد عوضا عن القائمات، واعتماد مبدأ سحب الوكالة من النواب، وتقليص عددهم من 217 نائبا إلى 161، منهم 10 نواب عن الجالية بالخارج الى جانب ارساء مجلس الجهات والاقاليم  وتنتظم هذه الانتخابات وسط حالة انقسام كبرى في المشهد السياسي بين معارضة رافضة "للاجراءات الاستثنائية" لرئيس الجمهورية والتي يعتبرونها "انقلابا يهدف إلى تكريس حكم فردي مطلق" وبين من يساندها ويعتبرها "تصحيحا لمسار ثورة 2011 " والأمل الوحيد للخروج من حكم حركة النهضة وحلفائها  خلال ما يسمونه ب"العشرية السوداء".

وتقاطع أحزاب وازنة، من بينها حركة النهضة والحزب الدستوري الحر وأحزاب وسطية وأخرى يسارية الانتخابات التشريعية، وتدعو مناصريها إلى عدم التوجه لمكاتب الاقتراع يوم 17 ديسمبر، في حين تؤيد أحزاب اخرى مسار 25 جويلية، وفي مقدمتها حركة الشعب التي رشحت أفرادا ينتمون لها لهذه الانتخابات.وبالرغم من مؤاخذاته على الانتخابات والمرسوم الانتخابي  وعلى طريقة تسيير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، فقد عبرت عدد من جمعيات المجتمع المدني على عزمها الحضور في هذا الاستحقاق "من منطلق واجب المواطنة والإيمان بالدور الرقابي الذي يتعزز في الانتخابات". حيث حرصت الجمعيات والمنظمات المهتمة بالشأن الانتخابي مثل "شبكة مراقبون" ومرصد "شاهد" ومنظمة "عتيد"، على اعتماد ملاحظين بعد تكوينهم، ليكونوا عينا على سير العملية الانتخابية  في مختلف الدوائر الانتخابية لرصد الخروقات والتجاوزات التي يمكن ان تعتري السير الطبيعي لعملية الاقتراع.

ويشارك في ملاحظة هذه الانتخابات بعثات دولية مثل الوفود الممثلة ل"منظمة التعاون الاسلامي" ومركز "كارتر" الأمريكي وبعثة "الاتحاد الافريقي" و الغرفة المدنية لروسيا الاتحادية، في حين أعلن البرلمان الأوروبي عن مقاطعته لهذه الانتخابات وعدم إيفاد ممثلين عنه لملاحظتها، لأول مرة منذ 2011، مع امتناعه على التعليق على مسارها أو نتائجها.

ومن خلال جولة وسط العاصمة وفي مراكز الاقتراع المنتشرة فيها، في ساعات الصباح الأولى، لا تبدو الحركة مختلفة عن أي يوم عادي، باستثناء الحضور المكثف للوحدات الأمنية التي تؤمن مراكز الاقتراع بتعزيز من عناصر تابعة للجيش الوطني.ووفق ما رصدته موفدة (وات) فإن الإقبال مازال ضعيفا مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية السابقة، رغم الاستعداد الجيد لمراكز الاقتراع وتوفير كل الظروف لاستقبال الناخبين وتوجيههم للقيام بعميلة الاقتراع دون تعطيل أو تعقيدات. 

وقد افتتحت مختلف مراكز الاقتراع أبوابها منذ الساعة الثامنة صباحا لتتواصل إلى السادسة مساء، باستثناء بعض المراكز التي حددت فيها هيئة الانتخابات توقيتا استثنائيا، بحيث يكون الاقتراع في عدد من مراكز جزيرة جربة وجرجيس بولاية مدنين من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الثامنة مساء، اعتبارا لخصوصية المناطق التابعة لهذه الدوائر، وتوقيتا محدودا من التاسعة صباحا إلى الرابعة مساء لدواعي أمنية بولايات القصرين وسيدي بوزيد وجندوبة والكاف وسليانة. ويضم سجل الناخبين، وفق آخر تحيين للهيئة العليا المستقلة للانتخابات  9ملاين و339 ألفا و 756 ناخبا مسجلا بالداخل والخارج. وأعدت الهيئة 4551 مركز اقتراع و11310مكتب اقتراع بمختلف ولايات الجمهورية،. وكانت هيئة الانتخابات أعلنت عن قبول 1058  طلب ترشح للانتخابات التشريعية من جملة 1427 مطلبا مودعا في فترتي قبول الترشحات، تتوزّع بين 936 رجالا و122 نساء.

ويتصدر قائمة المترشحين للانتخابات البرلمانية القادمة موظفو وزارة التربية (273 مترشحا من جملة 1058)، يليهم موظفو القطاع العام والمهن الحرة، مقابل تقلص عدد المترشحين من رجال الأعمال، على عكس ما تم تسجيله في الانتخابات السابقة، إذ ترشّح العديد منهم في القائمات الحزبية تحديدا.

وسيكون يوم 18 جانفي 2023 التاريخ الأقصى للإعلان عن النتائج النهائية  للدورة الأولى للانتخابات التشريعية، على أن تنظم الدورة الثانية نهاية شهر جانفي، ويتم الإعلان عن نتائجها النهائية في موعد أقصاه 3 مارس 2023.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة