الٱن

07/12/2023

النّدوة الدولية متعدّدة الاختصاصات.. بالعربية نحلّق

تنظّم جمعية منتدى قرطاج بالاشتراك مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) 
وجامعة تونس ومركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية وبدعم من مؤسسة تونس للتنمية   ندوة دولية متعدّدة الاختصاصات بعنوان “ اللسان العربي  وحوارية الجوار اللغوي  " تحت شعار : بالعربية نحلّق  بداية من اليوم  7 ديسمبر 2023 وتتواصل يومي  8 و 9 ديسمبر  بمقر " الألكسو " بتونس.
  ويحتضن مقرّ المنظمة اليوم الأول من هذه الندوة (شارع محمد علي عقيد- المركز العمراني الشمالي) بداية من الساعة التاسعة والنصف صباحا بينما يحتضن نزل " لايكو " (شارع محمد الخامس) اليومين المواليين ( 8 و 9 ديسمبر).
ويبلغ عدد المتدخلين   في هذا الحدث 60 متدخّلا منهم ممثلو المنظمات الدولية: الألكسو واليونسكو  ومعهد العالم العربي بباريس والأمين العام للمجامع العلمية واللغوية الرسمية بالبلدان العربية (من مصر) و27 أستاذا باحثا من الجامعات التونسية و16 أستاذا  باحثا  من الجامعات الجزائرية والمغربية والفرنسية والإيطالية والصربية و10 خبراء في تعلّمية اللغة العربية ومتفقدون في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي وعدد من طلبة الدكتوراه.
وستكون أهمّ محاور هذه الندوة :
-  العربيّة تاريخا ومصيرا (نظرة تاريخيّة لأوضاع العربيّة ومنزلتها بين التوسّع والانحسار).
-  العربيّة اليوم (تقييم مجهودات التحديث والتطوير في المنظمات الدولية والمجامع اللغويّة وسياسات الجامعة العربيّة (الألكسو) والسياسات القُطْريّة.
-  توصيف البحث اللساني في تونس مع التركيز خاصّة على نقائصه.
-  التداول اللساني العربي في المنظمات الدولية وأجهزة الإعلام العربيّة والدولية.
-  العربيّة والترجمة عموما وترجمة المصطلحات خصوصا وقضايا وضع المصطلحات وتوحيدها وتقييسها.
-  واقع تدريس العربية في المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية والمؤسسات الجامعية  على ضوء الطرائق المناسبة ومناهج التدريس الملائمة.
-  العربيّة الفصحى في صلاتها باللهجات المحليّة المهجنة باللغات الكبرى الأنڨليزية والفرنسيّة بين التأثّر والتأثير.
-  وسائل الإعلام وأدوات التواصل الاجتماعي وأثرها في الفصحى.
-  العربيّة والبرمجيات من أجل رقمنة العربية ومعالجتها آليّا وتوطينها في شبكة الإنترنات.
-  ما العمل حتّى تصير العربيّة لغة الحياة والعلم؟
-  كيف يمكن المصالحة بين اللغة العربية ومستخدميها في مختلف وضعيات التواصل؟.
ومن المنتظر أن يقدّم المتدخلون مقترحات عملية من شأنها أن تحسّن مكانة اللغة العربية في تونس وفي العالم العربي على غرار :
- تصور آليات جديدة للتحفيز على المطالعة 
- استعمال العربية في المجال المهني (تقارير - مراسلات -  إعلانات -  أخبار...)
- العودة إلى الاختبارات الشفوية في الامتحانات والمناظرات للتحقق من امتلاك الفرد للأداة التعبيرية ومستوى خبرته الفكرية 
- دعم المجهود لتعليم العربية للناطقين بغيرها سعيا إلى نشرها وكسب الأنصار لحضارتها 
- في المجال البيداغوجي تقوية الحس النقدي تجاه اللسان العربي لتوضيح ما فيه من إيجابيات واستجلاء ما يتعين إصلاحه في طرق تعلمه وتدريسه ومناهج البحث فيه  
- النظر في تدريس الأدب المقارن والترجمة في المعاهد الثانوية والجامعات 
- دعم تدريس المسائل الحضارية في التعليم العالي   لأن التكوين في أقسام العربية في عدد من الجامعات العربية في الخليج وفي الشرق الأوسط يقتصر على اللغة والأدب مما تسبب في إهمال الفكر العربي الذي هو أساس الكتابات الأدبية وخصائص اللسان 
- اقتراح طرق جديدة لإعادة الاعتبار إلى الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية التي فقدت مصداقيتها في الساحة الثقافية التونسية بينما استثمرت بعض البلدان العربية في هذا المجال وسجلت نجاحات 
- اقتراح آليات جديدة لتحفيز الباحثين التونسيين على تسويق نتائج أبحاثهم من خلال ترجمتها مع إبراز هياكل البحث الوطنية التي ينتمون إليها والانفتاح على المحيط الاقتصادي والثقافي الوطني والدولي.

* المشكليّات المحوريّة للمؤتمر 
- مفارقات واقع اللسان العربي
لا شكّ في أنّ المكانة التي أصبحت تحظى بها اللّغة العربيّة من جهة ترتيبها الدولي بين الألسن في العالم (السّادسة ولغة رسميّة في المحافل الأممية) إنما وصلتها بمجالات الإعلام وعالم الأعمال والرهانات الكبيرة التي يعلّقها عليها الناطقون بها ومتعلّموها من النّاطقين بغيرها  لكنّها لا تتناسب مع حالتها الراهنة في مواطنها العربيّة  المتمثلة في محدودية استعمالها وقلة تفعيلها في كل مجالات التعامل الإداري وفي الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتربوية وفي البحث العلمي.  وهذه مفارقة يحسن الوقوف عليها وتطارح الأفكار بشأنها. فكيف للغة حيّة أن تكون لسانا بارعا في الأداء في المحافل الدولية الكبرى وفي أعتى  القنوات التلفزيونيّة   العالميّة مع علاقة عاطفيّة ذاتيّة تربط أبناءها بها ومع اهتمام بادٍ من قادة الأوطان الناطقة بها ومع دساتير تنصّ على مكانتها باعتبارها لغة الوطن  كيف للغة هذا شأنها أن تكون عمليّا في وضع غير سليمٍ في التداول اليومي العامّ حيث لا تكاد تَسمع من عامّة المتكلّمين باللهجات الدارجة  العربيّة إلاّ جملا مهجّنة بعبارات دخيلة من اللغتين الفرنسيّة والانقليزية وحيث يتخاطب الشباب خاصّة في وسائل التواصل الاجتماعي بلغة ليست عربيّة ولا فرنسية ولا أنقليزية وإنما هي لغة هجينة ؟. ومما يزيد الأمر غرابة هو تخلّي الكثير  من الشباب في هذه الوسائط الجديدة عن استعمال الخط العربي ولجوؤهم إلى الحروف اللاتينيّة مع بعض الأرقام العربيّة الدالّة على حروف لا نظير لها في اللاتينيّة مثل القاف (9) والحاء (7) والخاء (5).
- واقع تعليم اللسان العربي
أمّا إذا التفتنا إلى واقع تعليم اللغة العربيّة في مختلف مراحل التدريس فلا شكّ في أنّنا سنصاب بشيء من الإحباط. فمن المسائل التي يكاد يكون حولها إجماع في وقتنا الراهن  تراجع مردود المتعلمين والمستخدِمين في حذق اللغة العربية  والحال لا تختلف إذا نظرنا إلى اللغتين الأخريين في تونس وهما الفرنسيّة والأنڨليزيّة.  فالمعاينة تشهد بعسر امتلاك نواصي القول فيها جميعا كتابة ومشافهة فضلا عن صعوبات استخدامها في الوضعيات التواصلية الملائمة وتحقيق الأعمال القولية المناسبة في سياقات حقيقية وعسر تملك المهارات الإجرائية فضلا عن الكفايات الأربع تقبلا وإنتاجا في كل من المنطوق والمكتوب. 
كيف تتصرّف البيداغوجيا والتعليمية إزاء تراجع مستويات التلاميذ والطلبة في الأداء اللغوي بصفة ملحوظة؟ وكيف توظّف المقاربة بالكفايات في المدارس والمعاهد والجامعات؟ وهل هي ناجعة؟ وهل يبرع المدرّسون في هذه المنهجيّة ويقدرون على تطبيقها على نحو خلاّق؟ جميع هذه الأسئلة البيداغوجيّة ذات قيمة أساسيّة ومن المفيد أن تكون موضوع تبادل للآراء والنقاشات بين المختصّين في المراحل التعليميّة جميعها وهي الابتدائي والأساسي والثانوي والعالي. 
- اللسان العربي في مجالات الإعلام
وإذا نظرنا في مجال الإعلام الوطني السمعي والسمعي البصري خاصّة وجدناه  يمثل حالة اللغة العربيّة غير الصّحّيّة أحسن تمثيل.
- اللسان العربي والبحث العلمي
إذا ما جاوزنا الآداب والإنسانيات والقانون ونظرنا في ما يسمّى بالعلوم الصلبة فإنّنا سنجد هذا المجال محظورا على لغة الضّاد حظرا تامّا ولسنا ندري متى سيجرؤ أبناؤها على التمرّد عليه والكتابة باللغة العربيّة ليستفيد من ثمرات بحوثهم عامّةُ أبنائها دون تشويه ودون الحاجة إلى وسائط تنقل المعلومة العلمية.
- اللسان العربي وحوارية الجوار اللغوي
ومن المعلوم أنّ اللغة ظاهرة اجتماعية لا تنتعش إلا في جوار تعددي بعيدا عن التقوقع على الذات والانعزال مهما كانت مبررات هذه المواقف. ومن المعاني الأساسية لهذا التعدد أن تنفتح اللغات بعضا على بعض فتصبح بمثابة الجسور الواصلة بين الثقافات بفضل الترجمة التي تضطلع بدور محوري في تقدم العلوم والمعرفة. وقد كان للعرب اجتهاد ما في نقل الثقافات الأجنبية إلى اللغة العربية ولكّنّهم قصّروا أيّما تقصير في نقل معارفهم وآدابهم وثقافتهم إلى اللغات الأجنبية فلم يساهموا في نشر الفكر العربي وترويجه في سوق الثقافات الأجنبية رغم زخم النتاج العربي في كل المجالات. وكادت الترجمات العربيّة  تقتصر على التبادل بين اللغتين العربية والفرنسية وتم إهمال النقل إلى اللغات الأخرى مثل الانقليزية أو  الاسبانية أو الألمانية ناهيك عن اللغات الآسيوية   الروسيّة والصينية واليابانيّة على سبيل المثال . ولهذه الأسباب  يمكن أن نقول  إنّ اللغة العربيّة تفتقر إلى استراتيجيات واضحة وطموحة في مجال الترجمة رغم الجهود المبذولة في بعض بلدان الخليج وفي بعض البلدان العربية الأخرى على غرار تونس التي أحدثت المعهد الوطني للترجمة. 
وفي الأخير يمكن صياغة المشكليّات المحوريّة للمؤتمر في الأسئلة التالية: 
- كيف يمكن للعرب تحويلُ اللغة العربية إلى لغة عصريّة فعلا وحيّة فعلا ...  لغة مقتدرة على استيعاب كل فكر جديد والتعبير عنه؟ وكيف يمكنهم تغذيتها بفكر عربي حي ذي بعد إنساني؟ 
- هل يمكن أن يكون ذلك دون تفاعل خلاّق بين حيوية الجوار وحيويّة الابتكار؟ 
- كيف يمكن أن تستعيد اللغة العربيّة الحياة الحق إذا لم يجرؤ الباحثون العرب على أن يشاركوا في البرامج البحثية الدولية ويسهموا في الشبكات المعرفية الدولية حتى تنسجم أبحاثهم مع الاهتمامات والحاجات المتجددة للإنسانية مثل الطاقات البديلة والمحافظة على المحيط ومسألة المياه والتواصل الرقمي وحقوق المرأة...؟ 
- كيف يكون ذلك إذا لم يعتمدوا المقاربات الجديدة المبنية على تعدد الاختصاصات والتي ثَبَتَتْ قيمتها في تطوير المعرفة؟ وكيف يتمّ للعربيّة الانبعاث الحقيقيّ إذا لم يجتهد مثقفونا وباحثونا وعلماؤنا ويجرؤوا على أنّ يَخُطّوا ما يبدعون وما يخترعون وما يكتشفون باللسان العربي بالإضافة إلى كتاباتهم بالألسن الأخرى؟
- ألا يمكن أن تنعتق اللغة العربيّة من حالة الوهن إذا جعلتها السياسة العربيّة شرطا لازما لفرص التشغيل والترقّي الاجتماعي (وللعرب من الثروات ما يسمح بذلك)؟ 
- وإذا حصل هذا وأجمع عليه أهل القرار ورسم السياسات قريبة المدى والبعيدة المدى فإنّه يمكن الجزم بأنّ اللغة العربيّة ستصير محلّ عناية العرب وخاصّة غير العرب.
وتجدر الإشارة إلى أعمال النّدوة ستنشر وترفع توصياتها إلى المنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وإلى ذوي القرار في مختلف المستويات.

الاكثر قراءة