توزر: تربية النحل مهرب الشباب من شبح البطالة
تربية النحل مهنة توارثتها الأجيال بمختلف معتمديات البلاد التونسية لاحتوائها على مراعٍ هامة للنحل متمثلة في الأعشاب الطبية والنباتات العطرية التي يمكن من خلالها الحصول على عسل ذي جودة رفيعة
وتحتل منطقة جلولة من ولاية القيروان بالوسط الغربي، المرتبة الأولى من حيث إنتاج عسل النحل، كما تعرف منطقة ديماس التي تبعد حوالي 70 كيلومترا على ولاية توزر والتي تتميز بتنوع منتوجاتها الفلاحية و خصائصها الطبيعية البيولوجية ، بامتهان أبنائها تربية النحل وإنتاج العسل لتظل هذه المهنة المحفوفة بالمخاطر مهرب الشباب من شبح البطالة وسط غياب نظم تهيكل القطاع
ميداس، في هذه القرية ، لن يأسرك جمال الطبيعة بواحاته المرتمية وجباله الصخرية وكل مقومات السياحة الإيكولوجية الصحراوية ، بل ستأسرك أيضا بساطة وعفوية متساكنيها الذين اختار عدد منهم تربية النحل رغم أنها مهنة محفوفة بالمخاطر
بين أغصان أشجار القوارص وسعف النخيل الشاهق يشدك شاب بزيه الخاص بمربي النحل المميز بلونيه الأبيض والأصفر وتستوقفك ملامح رجل مكافح وسط عوامل مناخية صعبة ، لتستحضر معه وبه معنى "إرادة حياة" والاصرار على إثبات الذات بالرغم من كل العراقيل المادية والمعنوية التي تعترضه ، فتجد نفسك "مجبرا" و"عن طواعية"، على أن تكتشف عالمه الصغير.
محمد بن بلقاسم، أصيل منطقة ميداس من معتمدية تمغزة، من بين 20 شاب شاركوا في دورة تكوينية أطرتها جمعية التنمية المستدامة والنهوض بالفلاحة البيولوجية في ميداس سنة 2018، تهدف إلى تأهيل الشبان وتمكينهم من المعدات اللازمة لمشاريع تربية النحل قصد تشجيعهم على بعث موارد رزق والانتصاب لحسابهم الخاص في هذا القطاع
لمعرفة تفاصيل البدايات، كان لوكالة تونس إفريقيا للأنباء لقاء مع هذا الشاب الطموح الذي تحدث عن مشروع كان بالنسبة إليه "حلما وغاية" ليتحصل سنة 2019 على ميدالية ذهبية وأخرى برونزية خلال سنة 2021 في انتاج عسل الواحة البيولوجي النادر توفره
و أضاف بن بلقاسم، أن مشروعه يحتوى على تقنيات متطورة ويتكون من 20 بيت نحل تنتج سنويا مايقارب 250 كغ من العسل
واستدرك قائلا " تبقى دائما إشكالية تسويق المنتوج قائمة أمام غياب دعم الدولة وعدم إيفاء السلط المشرفة على المشروع بتعهداتها ومتابعة المشاريع والإحاطة بها عبر توفير بيوت نحل مقاومة لدرجات حرارة الجنوب التونسي مثلا، مما جعل عدد من مربي النحل الأخرين يهجرون هذا النشاط"
ولفت إلى أنه رغم هذه العراقيل، حلم تطوير مشروعه والوصول الى تركيز 300 بيت نحل لا يلازل يراوده "وبتحقيقه سأساهم في تشغيل أكبر عدد ممكن من أبناء ميداس بلدتي التي أفضل العيش فيها" حسب تعبيره
من جهته، قال أحد الفلاحين،أحمد بن صالح إن منطقة ميداس التي تمسح 34 هكتارا منها 27 سقوي تعد منطقة فلاحية بالأساس لها ابعادها السياحية ، إذ تمتاز بغابات النخيل وبالاشجار المثمرة بما في ذلك القوارص والفلاحة الأرضية البيولوجية من خضر وغلال
ولفت المتحدث ذاته إلى أن أبرز الإشكاليات التي تعترض الفلاحين هي ظهور "نبتة الحميضة" التي تعيق نشاط الفلاح إضافة إلى شح المياه بعد نقص الموارد المائية بخزان الجمعية المائية
وأشار بن صالح، إلى أن المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بتوزر تسعى جاهدة إلى دعم فلاحي الجهة عبر إرشادهم و تنظيم دورات تدريبية في تربية النحل وقطاع الماشية