ندوة وطنية تشدد على ضرورة تيسيير نفاذ ذوي وذوات الإعاقة إلى الفضاء الرقمي
نظمت جمعية "إبصار" اليوم الاثنين بالعاصمة ندوة وطنية حول الابتكار الرقمي وادماج الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس بالشراكة مع مكتب اليونسكو المغاربي، وبدعم من المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، في إطار الجهود الرامية إلى تحسين نفاذ الأشخاص ذوي/ات الإعاقة إلى التكنولوجيا وتعزيز حقوقهم.
وأفاد منسق برامج الإعلام والاتصال بمنظمة اليونسكو بتونس، ناجي البغوري، أن هذه المبادرة تسعى إلى توحيد الخبرات وفتح نقاش حول سبل تيسير الولوج إلى العالم الرقمي، لدوره المحوري في توفير المعلومات والخدمات وضمان مشاركة أوسع وفعالة لهذه الفئة، معتبرا أن هذا الفضاء غير متاح فعليا لذوي/ات الإعاقة باختلاف درجاتها.
وسلط المحاضرون خلال هذه الندوة، الضوء على التشريعات الدولية والوطنية المرصودة في هذا المجال ولا سيما بما يتصل بالحق في النفاذ إلى المعلومة وإلى التكنولوجيات الحديثة على غرار الذكاء الاصطناعي الذي وإن أتاح إمكانات واسعة لتداول كميات كبيرة من المعلومات، فإنه يحمل في المقابل مخاطر على سلامة المستعملين، وخاصة الفئات الهشّة وفي مقدمتها النساء.
وأشار المسؤول عن قطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية بمكتب اليونسكو المغاربي، أرمين ابريشيموفيتش، إلى أن نفاذ ذوي/ات الإعاقة إلى الفضاء الرقمي، عادة ما يكون موضوعا منسيا، مؤكدا وجود صعوبات وعراقيل تتعرض لها هذه الفئة في استعمال التكنولوجيا.
واعتبر أن نفاذ ذوي/ات الإعاقة إلى الفضاء الرقمي، يعد ضروريا خاصة وأن الخدمات التي تقدمها الدولة انتقلت إلى الفضاء الرقمي، على غرار الانتفاع بتمويلات أو التسجيل في مؤسسة تعليمية حسب تقديره.
من جهته، أكد رئيس جمعية "إبصار" محمد منصوري، أنه بات من الضروري إيجاد وإنتاج وسائل تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة للنفاذ إلى الفضاء الرقمي دون تمييز أو إقصاء، مشيرا إلى أهمية الذكاء الاصطناعي في نشر وترجمة لغة الإشارة.
واعتبر ان من أبرز الصعوبات التي تعترض ذوي/ات الإعاقة تتمثل في محدودية النفاذ إلى المعلومة، وهو ما يحول دون تمتعهم الكامل بحقوقهم كمواطنين لافتا إلى أن هذه الفئة تتعرض بشكل مضاعف للعنف الميسّر عبر التكنولوجيا، وهو عنف يقوم على أساس الجندر والإعاقة، ما يستدعي تعزيز آليات الحماية الرقمية وضمان بيئة أكثر أمانا وشمولا.
من جهته شدد الأستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، خالد الماجري، على ان دسترة حقوق ذوي الإعاقة من خلال الفصل 54 من الدستور التونسي لسنة 2022 (تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من كل تمييز وتتّخذ كل التدابير التي تضمن لهم الاندماج الكامل في المجتمع) لا تكفي حتى يمكن الحديث عن الاندماج الفعلي لهذه الفئة في مختلف المجالات.
ولفت الى ان هناك بعض النصوص القانونية القليلة التي تحدثت عن إدماج ذوي/ات الإعاقة ونفاذهم إلى الفضاء الرقمي، حيث لا يوجد في هذا الخصوص إلا أمرا حكوميا لسنة 2006 يضم فصلين صيغا بصياغة واسعة و"مطاطة" للغاية وليس فيها آليات لتفعيل هذه الالتزامات الى جانب قانون النفاذ إلى المعلومة الذي يتضمن فقرة من فقرات فصوله، في الفصل 9 في الفقرة الثانية تحديدا، تنص على النفاذ الرقمي أو التسهيل بخصوص هذا النفاذ.
وأكد خالد الماجري أنه لا يوجد أي نص قانوني يتحدث عن النفاذ الرقمي لذوي/ات الإعاقة، ما يدعو إلى التفكير في المنظومة القانونية التونسية ووضع نص شامل قد يدرج في القانوني التوجيهي أو نصا منفصلا حول النفاذ الرقمي لذوي وذوات الإعاقة ليكون بابا لإدماج المعايير الدولية وجعل القانون التونسي متلائما معها.
واعتبر أن مشروع تمكين الأشخاص ذوي/ات الإعاقة من النفاذ إلى الفضاء الرقمي يجب أن يُدرج ضمن الأولويات الوطنية، باعتبار أن حقوق هذه الفئة تطال شريحة واسعة من المواطنين وتمتد إلى مجالات متعددة.
وشدد على أن الحديث عن النفاذ الرقمي لا يقتصر على الجانب التكنولوجي فحسب، بل يشمل قطاعات مختلفة يُفترض أن تساهم كل منها في هذا الجهد داعيا إلى مقاربة المسألة بالجدية المطلوبة، باعتبار أن حقوق هذه الفئة حقوق دستورية تلتزم الدولة بضمانها وتوفير الشروط اللازمة لممارستها بشكل فعلي.















