خبراء في التربية يشددون على أهمية الاعتراف الاجتماعي بقيمة المربي وتطوير ظروف عمله
شدد خبراء في التربية على أهمية الاعتراف الاجتماعي بقيمة المربي وتطوير ظروف عمله باعتبار ان ذلك يعد استثمارا في مستقبل تونس، وذلك خلال ندوة علمية نظمها الائتلاف التربوي التونسي، اليوم الجمعة بالعاصمة، تحت عنوان "المربي بين ضروريات التحديث العلمي والبيداغوجي والاستحقاقات الاجتماعية".
ولفت الخبراء خلال هذه الندوة التي انتظمت احتفالا باليوم العالمي للمربي الموافق ليوم 5 أكتوبر من كلّ سنة، الى ان المربي يعيش اليوم تحت ضغوطات متنوّعة مادية واجتماعية ونفسية يضاف إليها ضعف التقدير الاجتماعي لما يقدمه من مجهود، وظروف صعبة وبيئة عمل متردية وبنية تحتية متهالكة وأجور زهيدة.
وبين رئيس الائتلاف التربوي التونسي كمال الميساوي، ان عدم توفر البيئة الملائمة للمربي لأداء مهامه تجعله يعيش "احتراقا مهنيا عنيفا يفقده الدافع أو الحافز للإبداع"، وفق توصيفه، معتبرا ان ما يعانيه المربي من "احتراق مهني ليس مجرّد مشكلة فردية بل هو مؤشر على أزمة أعمق تتعلق ببيئة العمل والثقافة المهنية في البلاد".
وشدد الميساوي على أنه ان لم يتم اتخاذ خطوات جادة لمعالجة الضغوط اليومية التي يعيشها المربي فإن ذلك لن يؤثر فقط على الأفراد بل سيضعف المؤسسات ويبطئ بذلك عجلة التنمية بالبلاد.
ومن جانبه اكد الخبير في التربية كمال بن سالم الحجام، ان كسب رهان التطوير والتحديث العلمي والبيداغوجي لن يتحقق إلا بتحقيق مطلب استراتيجي يتمثّل في إعلاء مكانة المدرّس ومراكزه العلمية، وذلك بالحرص على تمتيعه بالدورات التكوينية المستمرة المتعلقة بالخصوص بمواكبة متطلبات الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة، لكسر الجدار الفاصل بينه وبين تلاميذ جيل "الالفا"، فضلا عن تمتيعه ببيئة عمل ذات جودة والعمل على تحسين ظروفه المادية.
وبيّن الخبير أن ايجاد حلول جذرية للنهوض بوضع المربي والنهوض بالتالي بمجال التربية والتعليم بالبلاد، يتطلب شراكة فاعلة بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني المحلي والدولي بمختلف مكوناته، مذكرا بأن المجتمعات الحديثة صنعت تميزها بفضل مهارة مواردها البشرية.
ومن جهتها، قالت الاستاذة والباحثة في علم النفس والنموذج والتربية اميرة العروي، إن العلاقة بين المدرس والتلميذ تتجاوز مجرد نقل المعرفة، فهي علاقة وجدانية وتفاعلية تقوم على الثقة والاحترام المتبادل، مضيفة إنه من منظور نفسي، يحتاج التلميذ إلى الإحساس بالأمان والتقدير حتى ينفتح على التعلم، الذي لن يستطيع المدرس توفيره له ان كان يعاني من ضغوطات نفسية او مادية او اكراهات لوجستية او بيداغوجية.
وتم خلال هذه الندوة تكريم ثلة من الاساتذة والمعلمين ممن كانت لهم تجارب ناجحة في دمج تلاميذ ذوي إعاقة او من المصابين بطيف التوحد بأقسام المؤسسات التربوية العمومية.