03/11/2022

فيلم "وحلة" لنادر الرحموني: "لا" المصطلح الذي أعاد ترتيب العلاقات الإنسانية

فيلم "وحلة" لنادر الرحموني، هو العمل الروائي الطويل الأول في رصيد هذا المخرج الذي نشأ وتربى على الفن المسرحي منذ طفولته. هذا العمل، تمّ عرضه خلال الدورة 33 لأيام قرطاج السينمائية ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة ويتسابق من أجل الظفر بالجائزة الكبرى للمهرجان.

وفيلم "وحلة من بطولة ريم الرياحي ومهذب الرميلي ومحمد مراد وسلمى محجوبي وفارس عبد الدايم. تدور أحداثه حول الشاب ياسين وهو طالب في الطب وله مستقبل واعد ويتمتع بحياة مثالية تقريبًا من منظور المجتمع، ومع ذلك، فإن حقيقة وجوده تخفي ظلالًا عميقة، أهمها شغفه السري بالموسيقى التي يمارسها دون علم والده. بين أب متسلّط و أم خانعة وكئيبة، وأخ طائش في وسط هذه العائلة المختلة الموازين، تمكن ياسين، من الحفاظ على توازنه، إلا أنّ شغفه السري القوي بليلى، زميلته الطالبة في الجامعة، هو الذي قلب هذا التوازن غير المستقر، إذ بعد اجتماع مباشر ومصادفة في أروقة مدرسة الموسيقى، تعود الشابة إلى حياتها مباشرة، وتدفعه، دون أن تعرف ذلك، إلى تساؤل وجودي عميق عن ماهية الحب ودرجة تأثيره على العلاقات الإنسانية.

تُستهلّ اللقطات الأولى من الفيلم بمشهد العصافير داخل القفص، وربّ العائلة يعتني بها ويطعمها، ثمّ يُحكم إغلاق القفص. وهذا المشهد للعصافير سيتكرّر في أحداث الفيلم لكن مع العائلة. فهذا الأب المتسلّط والعنيف يُحكم قبضته على العائلة كما لو أنها عصافيره المسجونة في القفص. فعلاقته بزوجته هي علاقة اتصال وتوتّر مستمر. فالزوجة تقضي نهارها في شؤون المنزل لكن الزوج غير عابئ بجهودها في رعاية الأسرة، وحتى معاملة الأبناء من قبل الأب مختلفة وتتسم بالمفارقة: فالأب يتعامل بلين مع ابنه الأصغر رغم أنه فتى طائش مع أنه مقبل على امتحان الباكالوريا، لكن في المقابل تبدو معاملته لابنه الأكبر المستقيم أكثر صلابة وخشونة.

وتتميّز الحالة العائلية بالسكون والجمود والتوتّر، فهي قليلة الحوار فيما بينها. وهذا السكون والجمود العائلي أظهرته عدسة الكاميرا بمشاهد ثابتة وغير متحرّكة وبلقطات قريبة جدّا لإبراز ملامح الشخصية وتبيان حالتها النفسية.

ويبرز التحوّل في الأحداث داخل الفيلم في ظهور شخصية مالك الطبيب النفسي الذي يُهدي جمال (الأب) كتابا من تأليفه يحمل عنوان "لا"، فتطلّع عليه الزوجة ويجعلها تغيّر من سلوكها رويدا رويدا نحو محاولة التمرّد عن سلطة الأب وعنفه. وأما التحوّل الثاني في الأحداث فيتمثّل في دخول شخصية "ليلى" الطالبة الجامعية في حياة "ياسين" فتدفعه كذلك نحو التغيير والخروج من قوقعته وانزوائه.

ومن خلال هذيْن التحوّليْن في الأحداث، يُحاول المخرج نادر الرحموني إثارة نقاط استفهام حول درجة الحب وتأثيره على العلاقات الإنسانية وكذلك درجة اللاحب وتأثيره أيضا على العلاقات الإنسانية.

وتنتهي أحداث الفيلم بتمرّد الابن عن سلطة والده، وقد تجسّد في تحرير العصافير من قفصها، ثمّ تتوالى الأحداث بسرعة ليظهر ياسين مع قيتارته ويظهر والده في حالة مرضية لكنه يلقى معاملة حسنة من أبنائه.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة