عناوين واهتمامات الصحف التونسية ليوم الاحد 10 مارس
احتل اعلان وزارة الصحة، أمس السبت، في يبان، عن تسجيل 11 حالة وفاة لرضع مقيمين بمركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى الرابطة خلال يومي 7 و8 مارس الجاري، اهتمام الصحف التونسية الصادرة، اليوم الاحد، حيث عبرت عناوين الصفحات الاولى لمختلف الجرائد عن هول الفاجعة وعن مختلف التساؤلات المحيرة، على غرار "وفاة 11 رضيعا في مستشفى الرابطة دفعة واحدة ... تونس المتروكة" و"القضاء على ما تبقى من سمعة الصحة العمومية" و"كارثة وطنية ... عرفنا الضحية ولم نعرف الجاني" و"دواء فاسد يقتل 11 رضيعا .. جريمة في حق الطفولة .. وزير الصحة قبيل تقديم استقالته .. ما حدث كارثة وطنية".
اعتبرت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الثالثة، أن اعلان وزارة الصحة، أمس السبت، عن تسجيل 11 حالة وفاة في صفوف الولدان المقيمين بمركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى الرابطة، فاجعة بأتم معنى الكلمة لا مثيل لها في الدنيا لا في البلاد المتقدمة ولا المتأخرة وحصلت نتيجة اهمال لا غبار عليه مشيرة الى أن المديرة العامة للصحة نبيهة بورصالي أكدت أن هذه الوفايات ناتجة عن حالة تعفنات متقدمة شديدة الخطورة وقد تم وقف استعمال كل دفعات أدوية العلاج والتغذية المستعملة كاجراء وقائي واستبدالها بدفعات جديدة من الصيدلية المركزية لتفادي تكرر الحالات.
وأضافت الصحيفة، أن ما لم تقله البورصالي بوضوح أن سبب وفاة الولدان كان نتيجة تلقيهم أدوية وأغذية فاسدة منتهية الصلوحية مشيرة الى أن وزارة الصحة أصدرت بدورها بلاغا باردا ومبتذلا وركيكا وفاسدا منتهي الصلوحية تعامل مع الفاجعة كأنها "خطأ اداري" يستلزم تحقيقا باردا، وهو بيان، وفق تقديرها، مستفز في لغته وفي صياغته ومحقر للذات البشرية حيث يتحدث عن وفاة غامضة مثلما يتحدث عن حادث مرور عابر وفيه تهرب من المسؤولية حيث سيتم فتح تحقيق عاجل في الغرض من قبل لجنة مختصة للوقوف على الاسباب الحقيقية وتحديد المسؤوليات.
وأشارت الى أن حكومة الشاهد تتعامل مع الذات البشرية ببرود وبلغة خشبية حيث يتم نسخ ذات البيانات بالخطاب ذاته ثم تمريره الى الرأي العام لكأن شيئا لم يكن ... بيانات نمطية معدة مسبقا لمثل هذه الكوارث مضيفة أن ما لا يفهم في بيان وزارة الصحة أن ادارة المركز بالتنسيق مع الطاقم الطبي وشبه الطبي قد اتخذت التدابير اللازمة ومن بينها "مواساة عائلات الضحايا ..".
وتساءلت في هذا الصدد بأي وجه سيتقابل هذا الاطار مع عائلات الاطفال الضحايا وبأي لغة سيتخاطب معهم .. هل سيعتذر اليهم مثلا بعدما حقنوا أبناءهم بدواء وأغذية فاسدة؟ بأي لغة سيتكلمون مع الام المفجوعة المحترقة في كبدها وبأي لغة سيتكلمون مع الاب في ألمه وحرقته؟، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي سياق متصل، أكدت جريدة (الصباح) في مقالها الافتتاحي، أن كل المؤشرات كانت تدل على أن قطاع الصحة العمومية مريض وبقي دون علاج ناجع رغم النداءات الصادرة عن المواطنين ممن لا حل أمامهم وهم كثر سوى الصحة العمومية ومستشفيات الدولة وكذلك رغم النداءات بقيت بلا اجابة مشيرة الى أن خدمات الصحة تراجعت تراجعا كبيرا منذ أعوام وتقريبا في مختلف المستويات على مستوى الكفاءات وعلى مستوى أخلاقيات المهنة وفي مستوى الامكانيات ونوعية التعامل بين المرضى والاطار الطبي وشبه الطبي وهو أمر معلوم الى درجة أنه يمكن القول أن التونسيين قد طبعوا مع الوضع وباتوا يتعايشون معه مجبرين بطبيعة الحال وليسوا مخيرين.
وأضافت أنه اذا تصل الامور الى ارتكاب مجزرة حقيقية في مستشفى عمومي ضد مجموعة من الرضع لا حول لهم ولا قوة فهذا أمر أبعد من الخيال وفوق طاقتنا على التحمل ولا يمكن تبريره أيا كانت الاسباب ولا شئ يفسره الا الرغبة المريضة في بناء ليبرالية متوحشة تأتي على كل ما هو خدمات عمومية ترفق بجيب المواطن، حسب ما جاء بالصحيفة.
من جانبها رأت جريدة (المغرب) في ورقة بصفحتها الر ابعة، أن ال11 رضيعا ماتوا بسبب التعفن الذي حصد قبلهم 151 رضيعا في مركز الامومة والرضع بتونس العاصمة وفق ما تضمنته أطروحة طبية أعدها، ماهر بلعايبة، بعنوان "وفايات الرضع لسنة 2008 .. الاسباب وعوامل الخطر" التي نشرت سنة 2010 وكشفت أن 43 بالمائة من حالات وفاة الرضع بالمركز المذكور سبهها النعفنات الاستشفائية مضيفة أن رضع مستشفى الرابطة ماتوا بسبب رداءة الخدمات الصحية في المؤسسات العمومية التي نبه اليها تقرير دائرة المحاسبات الاخير ولكن لا أحد اهتم أو بحث عن وضع حد لهذا الوضع المزري، فالكل مسؤول .. السلطة التنفيذية والاطار الطبي والشبه طبي والادارة والنقابات، الكل مسؤول عن موت رضع ائتمنت أرواحهم بيد هؤلاء.
واعتبرت أن موتهم لم يكن قضاء وقدرا بل هو جريمة كبرى وجب محاسبة كل من تسبب فيها ومحاسبة المسؤول الحقيقي عن العجز والاهمال والتردي والفساد الذي قتل ويقتل وسيقتلنا، لكن سيسجل على أنه موت ناجم عن تعفنات خطيرة قد تعلن لجنة التحقيق أن أسبابها ليست مسؤولية أحد مشيرة الى أنها تعفنات حصدت أرواحا ولاتزال في ظل الاستهتار واللامبالاة والعجز والفساد الذي نخر كل شئ ونخرنا فكلنا فاسدون وشركاء في الجريمة وان بالصمت الذي بات يهدد مستقبل هذه الارض وأبناءها الرضع منهم والعجائز الذين تنوعت أشكال قتلهم وظل القاتل واحدا، وفق تقدير الصحيفة.
أما جريدة (الشروق) فقد فقد أشارت في مقال لها واستنادا الى معلومات تحصلت عليها الى أنه من المرجح أن تكون وفاة الرضع حصلت بسبب تعفن الادوات الطبية المستعملة ووجود خلل من داخل غرفة الولادات الى جانب أنه من بين أسباب الوفاة استعمال دواء من صنع صيدلية المستشفى لا يتطابق مع المواصفات المتفق عليها عالميا مضيفة، وفق ذات المصادر، أنه تم تحذير الجهاز الطبي من خطورة هذا الدواء المستعمل للاطفال حديثي الولادة ولكن لم يتم اتخاذ أي اجراء لمنع الحادثة.
وأشارت، ذات الصحيفة، الى أن وزير الصحة المستقيل اعتبر، أمس في تصريح لها قبيل استقالته، أن الاسرة الطبية تلقت صدمة عنيفة وأن ما حصل كارثة وطنية مضيفة أنه لفت الى أن الوزارة بادرت حال حصول الواقعة بتفعيل كل التدابير الاحتياطية بالتوازن مع رفع عينات من عقاقير التغذية الاصطناعية الى التحليل المخبري.
ونقلت عنه تشديده على أن هذه الواقعة لن تمر دون محاسبة كل من أخطأ وتأكيده على أنه من الظلم محاسبة أي طرف قبل الحسم في سبب الوفاة أي ما اذا كانت عقاقير التغذية الصناعية أو حصول تعفن جرثومي استشفائي، حسب ما جاء بالصحيفة.