صفاقس : عرض 24 عطر ... رحلة بحث وابداع نحو التجذير والتجديد الثقافي الموسيقي التونسي
بلوحات فنية فاحت بعبق شذى الطبوع الأندلسية التونسية والطبوع الصوفية والنوبات التي تم النهل فيها من عمق التراث الموسيقي التونسي، أخذ الفنان الموسيقي "محمد علي كمون"، مساء أمس السبت، جمهور صفاقس وعشاق السمر في ليالي رمضان، في رحلة فنية عنوانها "24 عطر"، وذلك ضمن مشروع فني ابتكره هذا الفنان المبدع من رحم الموسيقى التونسية بمختلف ألوانها البدوية والأركسترالية، فأبهرت الجمهور الحاضر وأبحرت به في عالم فني لن يمحى من الذاكرة.
عرض 24 عطر... هذه الرحلة الفنية التي دامت حوالي ساعتين من الزمن، أمتع خلالها الفنان محمد علي كمون، أصيل جهة صفاقس، جمهوره وشنف آذانهم، بمختارات من المالوف الأندلسي التونسي الأصيل والشاوي والأغنية البدوية وأغاني الجزر والنوبات والحضرة النسائية والحضرة الرجالية المعطرة بعبق التراث الموسيقي الصفاقسي، على غرار نوبتي سيدي علي الكراي وبوعكازين وجلوة العروسة الصفاقسية.
انطلاقة العرض كانت بعطور أندلسية وموشحات في مقامات طربية لينتقل إلى سحر الجنوب وصحرائه ثم يذهب صعودا نحو الحدود الجزائرية والقبائل.
عطور الحضرة الصفاقسية النسائية والرجالية والتخميرة وطبال جزر قرقنة كانت أيضا حاضرة خلال عرض 24 عطر ولكن بتوزيع موسيقي ورؤية فنية مجددة بإمضاء الفنان المبدع، محمد علي كمون..
وافاد الفنان، محمد علي كمون، خلال لقاء اعلامي تم تنظيمه قبل انطلاق العرض، ان "24 عطر" الذي يتم عرضه لأول مرة بالمسرح البلدي بصفاقس يسبق الإعلان عن إطلاق أسطوانة اغاني 24 عطر (اغاني وموسيقى) واطلاق كتاب اغاني يوم 10 ماي القادم بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة.
واضاف قوله "ان هذا العرض الذي تم الإعداد له بصفة خاصة والاستثمار فيه بقيمة هامة، يندرج في إطار برنامج اتفنن تونس الابداعية"، مشيرا إلى ان هذا المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية وجمعية الشارع فن، يهدف إلى تعزيز القطاع الثقافي في تونس، حيث يعمل هذا البرنامج عبى نشر المركزية الثقافي وتحفيز الإبداع وظهور أجيال جديدة من الفنانين.
عرض 24 عطر، الذي اختار الفنان محمد علي كمون، "أن يهديه إلى جهته وجمهوره عرفانا بانتمائه إلى جهة صفاقس"، وفق ما افاد به في لقائه بممثلي وسائل الإعلام، كان عرضا استثنائيا بامتياز حيث لم يكن مجرد عرض فرجوي كلاسيكي بل كان شكلا من أشكال استعادة الذاكرة الموسيقية التونسية عبر رؤية خلاقة ومجددة من أجل تحرير الموسيقى التونسية من دائرة الانغلاق والتكلس وإضفاء عطور عليها دون اقتلاعها من جذورها.
يذكر ان هذا عرض 24 عطر ، المتعدد الدلالات الفنية والابداعية تم عرضه في مسرح الأولمبياد بباريس في سبتمبر 2019
وكذلك في مهرجان قرطاج الدولي ومهرجان الحمامات الدولي ومهرجان صفاقس الدولي، وذلك قبل جائحة "كورونا " وقد تم اختياره ضمن أحسن المشاريع الفنية وتحصل على منحة الترويج من صندوق اتفنن الممول من الاتحاد الاوروبي وذلك اثر جائحة كورونا والحجر الصحي.