المحطات الاستشفائية بالمياه المعدنية رافعة للسياحة الاستشفائية في تونس ووسيلة لتغيير الصور النمطية الملتصقة ببعض الجهات
يسعى الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه من خلال 7 محطات استشفائية يشرف عليها بعدد من ولايات الجمهورية، إلى تطوير مفهوم السياحة الاستشفائية وتثمين الموروث الطبيعي من عيون المياه الطبيعية الساخنة الموزعة على مختلف المناطق والتي ما انفكت تستقطب عبر التاريخ المولعين بالآثار والحضارات القديمة والباحثين عن بدائل استشفائية طبيعية، .
في الوسط كما في الجنوب الغربي من البلاد، يحتفي الديوان بمحطتين استشفائيتين جديدتين بصدد الاستغلال والتطوير وهما المحطة الاستشفائية بجبل الشعانبي بمنطقة سيدي بولعابة من ولاية القصرين والمحطة الاستشفائية بالمياه المعدنية بمنطقة سيدي أحمد زروق من ولاية قفصة، "كابصا ترمال للإستشفاء". كما يشهد المركب الاستشفائي بالمياه المعدنية الساخنة "شانشو" بالحامة من ولاية قابس (جنوب تونس) أشغال تهيئة وتوسيع طاقة استيعابه بهدف استقطاب أكثر عدد من السياح وتحويله إلى محطة استشفائية عصرية.
تعصير المحطة الاستشفائية بجبل الشعانبي خطوة لكسر الصورة النمطية والوصم الذي التصق بالمنطقة
بين جبال الشعانبي وسمامة وسلوم، تفتح المحطة الاستشفائية بجبل الشعانبي بولاية القصرين الممتدة على مساحة هكتارين، أبوابها لاستقبال التونسيين والسياح الراغبين في الاستجمام والتداوي بالمياه العذبة التي تضخها العيون الطبيعية الساخنة دون انقطاع، وتبعث الأمل في نفوس المرضى المقيمين بها في العلاج من علاتهم وتوفر لهم فسحة لتأمل المكان المطل على جبل الشعانبي الشامخ، بعد سنوات ظلت فيها صورة الدم والارهاب وشهداء تونس من حماة الوطن ومن أبناء الجهة الذين راحوا ضحايا عمليات ارهابية ومواجهات مع من تسللوا لهذه المنطقة من الارهابيين، ملتصقة في أذهان التونسيين.
ميزة مياه هذه المحطة التي تصل درجة حرارتها الطبيعة إلى 50 درجة مائوية والغنية بالصوديوم والأملاح المعدنية، أنها تساعد على التداوي من أمراض عدة على غرار الأمراض الجلدية والتهاب المفاصل والتهابات الحنجرة والأنف وتُعد متنفسا للزائرين الباحثين عن الاستجمام والراحة بعد فترات مرهقة من العمل. كما تستقبل المحطة ذوي وذوات الإعاقة، وذلك حسب الحالة وبعد تنسيق المحطة مع الطبيب المباشر واستشارته قصد توفير العلاج المناسب لهم/ن.
وتحتوي هذه المحطة على حمامين جماعيين للنساء والرجال منفردين وحمام فردي إضافة إلى فضاء للمعالجة الطبية وفضاء ترفيهي يحتوي على مقهى ونادي للفروسية وفضاءات للإقامة والخدمات العلاجية بصدد التهيئة.
ويؤكد المكلف بتسيير المحطة الاستشفائية ماهر اليحياوي في تصريح لـ(وات)، أن المنطقة آمنة وهادئة رغم كل الصور النمطية التي لحقت بجبل الشعانبي وارتباطه في المخيلة الجماعية بعد الثورة بالعمليات الإرهابية داعيا السلطات إلى تعبيد الطريق المؤدية إلى المحطة وتوفير الإنارة قصد مزيد التعريف بالجهة والمساهمة في التنمية الجهوية من خلال مثل هذه المشاريع الرائدة.
وأشار إلى أن هذه المحطة تستقبل سنويا 20 ألف زائر، 50 بالمائة من بينهم من الجنسية الجزائرية ومن المتوقع ارتفاع عدد الزائرين بعد انتهاء أشغال توسيع طاقة الاستيعاب وتحسين خدمات الإقامة في المستقبل.
محطة قفصة الاستشفائية: الهوية الأمازيغية حاضرة في أغلب تفاصيل المشروع
غيرّت المحطة الاستشفائية بالمياه المعدية "كابصا ترمال للإستشفاء" على جبل بن يونس بمنطقة سيدي أحمد زروق ممتدة على مساحة 3 هكتارات، منذ أن فتحت أبوابها في ماي 2023، من صورة قفصة التي التصقت بالحوض المنجمي واستخراج الفسفاط، وأمست وجهة للسياح والمواطنين الراغبين في الاستفادة بخدماتها العلاجية المتطورة.
وتضم المحطة التي بلغت قيمة الاستثمارات فيها قرابة 17.5 مليون دينار، فضاءات مخصصة للمعالجة الطبية ومساحات للمعالجة بالمياه الحارة وفضاء للإقامة بطاقة استيعاب تبلغ 45 سريرا، وفضاء للاستقبال وغرف لتغيير الملابس وفضاء للتجميل وقاعة رياضة إضافة إلى مقهى ومحلات لبيع المستحضرات مصنوعة بالمياه المعدنية. وتوفر 85 موطن شغل من عملة وأطباء وممرضين ومدلكين متكونين وذوي كفاءة عالية.
وتعتبر المحطة حسب ما أفاد به، صاحب المشروع والأستاذ الجامعي بكلية الطب بالمنستير توفيق خلف الله، نوعية من حيث الخدمات العلاجية التي تقدمها وموقعها الاستراتيجي في جهة قفصة، موضحا قوله إن" قفصة ليست فسفاط فقط، قفصة أيضا عيون مائية قيمتها تعادل قيمة البترول إذا ما تم استغلالها والترويج لها على أحسن وجه".
ويحاول المشروع المساهمة في الترويج للهوية الأمازيغية والعادات والتقاليد والمحافظة عليها من الاندثار من خلال تركيز الحمام الأمازيغي بقواعده الخاصة في المحطة وإعداد أكلات تُعرف بها الجهة على غرار "البركوكش" و"المطبقة". كما يظهر هذا التوجه أيضا في اللوحات والنقشات البربرية التي تتزين بها المحطة فضلا عن هندستها المعمارية المتميزة.
مياه عين الشفاء سيد أحمد زروق، تحتوي على أملاح هامة منها الكلورير والصوديوم والسولفات والكبريت تعالج أمراض البرد والمفاصل والعمود الفقري للظهر والجهاز التنفسي، حسب المتحدث الذي دعا وزارة الصحة إلى تحيين القوانين الخاصة بسقف التأمين على المرض بالنسبة لما يتعلق بالخدمات التي يقدمها قطاع الاستشفاء بالمياه المعدنية خاصة وأن تونس ستشهد في السنوات القادمة تهرما سكانيا.
من جهة أخرى، أشار الطبيب إلى أن كلية الطب الوحيدة التي تكون في اختصاص المداواة بالمياه المعدنية ومياه البحر هي كلية الطب المنستير، مشيرا إلى تكوين 100 طبيب إلى حد الآن منذ إطلاق هذا الاختصاص منذ خمس سنوات.
أشغال تهيئة وتوسيع بالمركب الاستشفائي بالمياه المعدنية الساخنة "شانشو" بالحامة من ولاية قابس
في جنوب البلاد التونسية وفي معتمدية الحامة من ولاية قابس تحديدا، يتركز المركب الاستشفائي بالمياه المعدنية الساخنة "شانشو" على مساحة 126 هكتار ويضم حمامات استشفائية متنوعة ذات خصائص علاجية عديدة وبأسعار في المتناول.
وأكد المستثمر الذي يستغل هذا المركب حامد الشايبي، أن هذه المؤسسة الاستشفائية بالمياه المعدنية عرفت أشغال تهيئة وتوسيع في الفترة الأخيرة وشملت بناء مركز لإعادة التأهيل وإقامة ذات 3 نجوم قصد تحويله إلى محطة استشفائية عصرية تقدم خدمات علاجية استشفائية للسياح بقيمة استثمار جملية تقدر ب 13.160 مليون دينار وبطاقة تشغيلية في حدود 90 موطن شغل.
ودعا المتحدث السلط المعنية إلى توفير وسائل النقل المناسبة للتنقل بين الجهات ودعم المستثمرين في قطاع الاستشفاء بالمياه المعدنية والذي اعتبره قطاعا "مهمشا"، مؤكدا أن مثل هذه المشاريع تُؤثر إيجابيا على التنمية بالجهة والسياحة الصحراوية والاستشفائية.
ويستقبل المركز في الشهر قرابة 12 ألف في وقت الذروة خلال أشهر الربيع أو الشتاء ويستقطب بالخصوص السياح من الدول الشقيقة ليبيا والجزائر.