21/06/2025

الإباضية بجزيرة جربة: نظام حياة ديني اجتماعي واقتصادي ضارب في القدم

يعتبر المذهب الإباضي أو ما يسميه البعض الفكر الإباضي منهج حياة ديني اجتماعي واقتصادي و"ضارب في القدم" تقوم تعاليمه على أساس الدعوة المحمدية والتعايش السلمي وظهر في جزيرة جربة منذ بداية القرن الثاني للهجرة، حسب ما أكده عدد من الباحثين.

وبيّنت باحثة في علوم التراث وممثلة عن جمعية صيانة جزيرة جربة،روضة الحمزي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء،أن المذهب الإباضي هو نظام حياة ديني اجتماعي واقتصادي يتميز "مريدوه" بالمحافظة والاستقامة ونبذ التوريث في الحكم ويعتمد أساسا على الشورى.

وينظم الفكر الإباضي الحياة الاجتماعية والاقتصادية منذ القدم الى اليوم من خلال عقود الزواج والمعاملات الاقتصادية فهم كانوا يحتكمون الى "شيخ االحومة" في كل ما يخص حياتهم اليومية حتى في توزيع الصدقات والزكاة ويأخذون بآراء مشائخهم (كل حومة لها شيخ) حتى في عمليات البيع والشراء، مضيفة أن هذه الطرق تراجعت حاليا لكن بقي البعض يحافظ عليها.

ولفتت الى أن عادات وتقاليد الفكر الإباضي بجزيرة جربة مستوحى من الموروث الامازيغي ويظهر في طريقة اللباس والتي حافظت بعض المناطق في جزيرة جربة على ارتداء اللباس التقليدي للمرأة خاصة "الحولي" وهو لباس محتشم.

وأضافت أن عادات الإباضيين في المناسبات الاجتماعية تمتزج أساسا بطابع ديني من خلال ختم القرآن و"حزب اللطيف" وهي عبارة عن ذكر لاسماء الله الحسنى.

وأكدت ان جزيرة جربة رمز السلام وتسامح الاديان اذ تتلاقى في نفس المحيط بجامع إباضي وجامع مالكي وكنيس يهودي وكنيسة وهو ما يرمز الى التعايش السلمي.

وتعتبر الإباضية، وفق محدثة وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أقلية في تونس وأغلبية بجزيرة جربة، مبينة ان للإباضيين خصائص تميزهم في نظم الحياة تتمحور على دحض فكرة البذخ في البناء المعماري الذي عادة ما يكون غير شاهق والحياة اليومية المعيشية وعدم الخوض في الصراعات لاسيما السياسية منها ويرفضون التوريث في الحكم ويدعون الى التسامح بين الأديان والأقليات.

و يضطلع المسجد لدى الإباضيين بدور علمي اقتصادي ويتميز بعدم ارتفاع البناء الهندسي وباللون الأبيض والاخضر ويتعلق بناءه بغايات محددة، فكل جامع يؤدي وظيفة معينة منها المراقبة على الشاطئ ومنها الحماية من العدو ومنها التثقيف الديني، حسب الباحثة في التراث.

والإباضية هي سنية بحتة تقوم على أسس السنة النبوية المحمدية، وفق ما بيّنته محدثة وكالة تونس إفريقيا للأنباء، وتختلف عن المذاهب الاخرى في بعض فروع الصلاة.

وتتوزع الإباضية على بلدان شمال افريقيا وليبيا والجزائر وجزيرة جربة وأساسا بدرجة أكبر بسلطنة عمان.

وتتوفر عدة مراجع علمية وفكرية للمذهب الاباضي و بكثرة بالجزيرة منها مخطوطات ومراجع دينية تصلح للبحث العلمي في المجال الى جانب دور المشائخ في التعريف بالمذهب.

من جهته، عرّف حافظ المكتبة البارونية بجزيرة جربة وباحث في التراث، سعيد الباروني، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، بالسردية التاريخية للإباضية والتي تنسب لعبد الله ابن اباض التميمي وظهر فكرهم خلال معركة صفين بين رابع الخلفاء الراشدين علي بن ابي طالب ومعاوية ابن ابي سفيان .

وأضاف أنهم عرفوا اضطهادا من الخلفاء الأمويين والعباسيين لنبذهم التوريث في الحكم ويعتمدون على النص القرآني والسنة النبوية.

وكان الإباضيون ، وفق سعيد الباروني، مستهدفين فهاجروا الى دول المغرب العربي ووجدوا أراض خصبة واستقروا بها. وفي جزيرة جربة كان المذهب السائد هو الفكر الاباضي منذ القرن الخامس هجري إلى أن جاء المذهب المالكي في القرن 17 هجري وتعايش الاباضيون مع معتنقيه ومع بقية الأقليات الذين استقبلوهم على امتداد فترة تواجدهم في الجزيرة.

وبيّن أن النظام الذي كان يتبعه الإباضيون هو "العزابة" وهو حلقة العلم ومؤسسة فقهية وسياسية او ما يعبر عنه اليوم "بمجلس الحكماء" وكان هنالك واحد للرجال وآخر للنساء.

و يظهر الحذر في الإباضيين بجزيرة جربة منذ القدم من خلال البناء الهندسي المعماري اذ يوجد عددا منه تحت الأرض من معاصر لزيت الزيتون والجوامع خوفا من التنكيل، حسب محدث وكالة تونس إفريقيا للأنباء.

وللاشارة فان جزيرة جربة تعدّ أكثر من 360 مسجدا ثلثها مالكية والبقية إباضية.

 

وكالة تونس إفريقيا للانباء

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة