صوفية صادق تغني في عيد المرأة … بين وفاء الذاكرة وتحديات الحاضر
في سهرة الاربعاء 13 أوت، احتفى مهرجان قرطاج الدولي في دورته 59 بالعيد الوطني للمرأة عبر صوت ارتبط بالوطن والحب، صوت الفنانة التونسية صوفية صادق التي عادت بعد غياب دام ثماني سنوات، منذ آخر إطلالة لها على الركح نفسه في صيف 2017.
استهلت السهرة كما يحب جمهورها أن يبدأها، بأغنية “يا تونس” التي بدت فيها وكأنها تسترجع نفسها أمام المسرح المهيب. ورغم الحماس الذي أشعل المدرجات، لاحظ المتابعون أن طبقة صوتها جاءت منذ البداية عالية نسبيا، وهو خيار فني قد يمنح الأغنية قوة، لكنه في بعض اللحظات يضغط على الأذن ويفقد التفاصيل الصوتية الدقيقة التي كانت تميزها في السابق.
واصلت في كوكتيل وطني ضم “تونس بلد النصر”، “مهد الله”، “يا بلادي انت شمس”, و"أقسمت بالوطن"، هنا كان واضحا أن صوفية تحاول استعادة نفس الاداء المفعم بالقوة الذي عرفه الجمهور في سنوات سابقة، لكن بعض الانتقالات بين المقاطع أظهرت فقدانا مؤقتا للتناغم مع الفرقة، ربما بسبب عدم ترتيب حصص كافية للتمارين مع الفرقة قبل العرض.
الجانب العاطفي من الحفل حمل جمهورها إلى ذكريات التسعينات وبداية الألفية، مع “أنا عاشقة” و"تعرفني أنا نموت عليك" و"ضيعت العمر ليالي" و“يا ليل ياما سهرت فيك نفكر". في هذه اللحظات، بدا صوتها أكثر دفئا وانسجاما، وكأنها تجد راحتها في المساحات الغنائية المتوسطة، حيث يلمع إحساسها ويغيب الضغط على الحبال الصوتية.
الفقرة التونسية التي جمعتها بعازف الكمان الكبير بشير السالمي، حملت معها طابعا احتفاليا من خلال “بنية العرجون” و*“آه ودعوني" و"خالي بدلني" و“اليف يا سلطاني”. وقد أضفى حضور الكمان روحا خاصة، رغم أن بعض الجمل الموسيقية كان يمكن أن تستثمر أكثر لإبراز جمال صوتها في المقامات التونسية.
في الصنف الشرقي، غنت "تحلى الليالي", "مراسيلي", و"عشقتك", قبل أن تقدم تنويعات غنائية تونسية من رصيدها فجاءت "يا لالات", "راني حرت معاك”, و“يهبل"، هنا عاد بعض الارتباك الإيقاعي، إذ بدا أن الفرقة تلاحق صوتها أحيانا بدل أن تقوده، لكن الحماس الجماهيري غطى على تلك التفاصيل بالنسبة لغير المختصين.
رسالة صوفية الفنية لم تتوقف عند حدود تونس، فقد منحت فلسطين نصيبها من السهرة بـ“القدس تصيح” و“استيقظي يا أمتي”. كما استعادت روح الشيخ إمام في و“شيد قصورك”. وفي لمسة طربية راقية، أدت من رصيد كوكب الشرق أم كلثوم “أغدا ألقاك”, “الحب كله”, و“بعيد عنك”, مظهرة تمسكها بمدرسة الغناء الكلاسيكي رغم تغيرات الأداء الصوتي التي فرضتها السنوات.
اختتمت الحفل بأغنية البداية “يا تونس”, في دائرة فنية مغلقة ربطت المقدمة بالخاتمة، وكأنها أرادت أن تقول إن كل طرق الغناء، مهما تنوعت، تعود إلى الوطن.