سهرة نويل خرمان على ركح مهرجان الحمامات الدولي: صوت فلسطين ينادي بالحرية من تونس
على ركح مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والخمسين (11 جويلية - 13 أوت 2025)، أحيت الفنانة الفلسطينية نويل خرمان سهرة الأحد 20 جويلية في أول حضور لها بتونس، مقدّمة عرضا موسيقيا حمل بين نغماته رسائل الحب والهوية والحرية.
ويتجاوز هذا العرض حدود الفرجة إلى حركة رمزية تترجم موقف تونس الرافض لتهجير الفلسطينيين والداعم لحقّهم في إقامة دولتهم المستقلة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
افتتحت نويل العرض بأغنية "هذا أنا"، فاتحة بابا على هويتها الفلسطينية قبل أن تنتقل إلى أغنيتها "حيفا" التي تتغنّى فيها بمدينتها المحتلة أين ولدت سنة 1998، وهي التي ظلّت حاضرة في جلّ أعمالها كرمز للثبات والانتماء.
"كوني من حيفا يجعل صوتي فعلًا سياسيًا"، بهذه العبارات أكدت الفنانة خلال كلمتها عن الأغاني المختارة في السهرة، مضيفة أن كل كلمة أدتها على المسرح كانت مشبعة بهويتها الفلسطينية وتجربتها الشخصية كابنة لوطن يعيش تحت الاحتلال. وتضيف قائلة: "رسالتي أن يصل الصوت الفلسطيني إلى أقصى حدود العالم".
ومن نشيد الفراق "الفرقة" إلى "ممنونلك"، أبحرت نويل بصوتها في عوالم العاطفة لتنسج لحظات من الحنين أثّرت بجمهور متعطش لفن يحمل قضايا الأوطان والإنسان. كما أدت بأحاسيس مرهفة وفياضة أغنيتها الجديدة "كتير بكيت" قبل صدورها رسميا. وعن هذه الأغنية تحدثت نويل بكثير من الوجع عن مآسي الحرب، قائلة إنها كتبتها مع بداية الحرب الأخيرة وإنها لم تكن مجرد أغنية حزينة وإنما شكلت بالنسبة إليها فعلا من أفعال المقاومة النفسية ووسيلة للعلاج الذاتي في وقت عصيب للغاية.
ومع تصاعد إيقاع السهرة، أدّت نويل "يا لالي" حيث تداخلت الإيقاعات الشرقية بالغربية، ثم فاجأت الحضور بأداء الأغنية التونسية الخالدة "لاموني اللي غارو مني" للهادي الجويني، تلتها الوصلة الغنائية "سيدي منصور" مؤكدة من خلالها تقديرها للموروث التونسي، مشيرة إلى أن "أداء أغان باللهجة التونسية لم يكن سهلًا، لكنّه ممتع". وحول أدائها لأغنية باللهجة التونسية، قالت نويل إنها وجدت بعض الصعوبة في البداية لكن بمساعدة الفرقة الموسيقية فهمت النغمة أكثر فأكثر، معربة عن امتنانها لكل من ساهم في هذا التحدي اللغوي الجميل.
وقالت نويل إن الموسيقى المغاربية وخاصة التونسية والجزائرية والمغربية تلهمها في أعمالها، مشيرة إلى أغنيتها "فيروز" التي جمعتها بالفنان المغربي تاوسن كأحد نماذج هذا التفاعل الإبداعي.
وقد رافق نويل في هذا العرض عدد من الموسيقيين التونسيين على آلات وترية وإيقاعية مختلفة بقيادة عازف الكمان عطيل معاوي، وبمشاركة محمد بن صالحة (ناي) ومحمد علي العش (باتري) وخليل جماعة (غيتار) وبشير غربال (أورغ)، إلى جانب كورال ضمّ الثنائي أسماء الشريف وآمنة زين.
ولم يخل العرض من الجانب الرمزي النضالي، إذ قدّمت نويل وصلة فلسطينية تمزج بين الأهازيج الشعبية وأغاني الحرية، حيث علا صوتها مدويا وثائرا ليصل صدى كلماتها إلى أقصى العالم.
وقبل أن تختتم سهرتها، أنشدت نويل أغنية "آن الأوان" مؤكدة على أن فلسطين باقية في القلوب وأن الفن حين يعلو يصبح سلاحا وأداة نضال.
ومنذ انطلاقتها سنة 2014 بمزاوجتها بين أغنيتي "Hello" لأديل و"كيفك إنت" لفيروز، خطّت نويل لنفسها مسارا فنيا متفرّدا، مزجت فيه بين الشرق والغرب. وجعلت من أغانيها منصّة لرسائل السلام والعدالة والحب، وأهم من كل ذلك رسالة صمود شعب لا ينسى قضيته.