الٱن

15/03/2019

حادثة وفاة ال12 رضيعا بمستششفى الرابطة..."البلوزة البيضا" في قفص الاتهام والمنظومة الصحية العمومية على حالها

تخفي منية الممرضة "بلوزتها البيضا" (ميدعتها البيضاء) في حقيبتها قبل خروجها من المستشفى. تنظر يمنة ويسرة وتقول "كنا بالأمس نحمل بلوزتنا على ايدينا بافتخار، كنا ملائكة رحمة لكن أصبحنا في اقل من 48 ساعة عنوانا للفساد والإهمال بعد ان فقد زينا الابيض المميز بريقه ونقاوته وتلطخنا أوساخا ونصبت لنا المحاكم".    

فاجعة موت ال12 وليدا بقسم وسيلة بورقيبة بمستشفى الرابطة وما أثارته من ردود فعل خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام، تحيل الى تساؤل جوهري حول واقع المنظومة الصحية العمومية وعلاقة التونسي بأصحاب "البلوزة البيضا".  

يقول "العم علي" احد ابناء القطاع الصحي الذي احيل على شرف المهنة واضحى من المتابعين لحال البلاد "لما قبل اول ممرض او طبيب او تقني استشفائي او عون حراسة 15 دينارا او اكثر ليتجاوز القانون وليمكن الراشي من خدمة لا حق له بها، بدأت المهزلة وبدأ سقوط المنظومة الصحة (...) زيارات للمرضى في غير مواعيدها، مأكولات على جانبي أسرة المرضى، تدخين داخل المستشفيات، حب اطلاع يصل الى مشارف غرف العمليات، تعنيف للأطباء والممرضين، مراكز شرطة بالمستشفيات وبأقسام الاستعجالي..".  

ويضيف علي بحسرة كبيرة "عند خروج اول حبة دواء او مرهم او ضمادة بحقيبة او جيب ممرض او تقني او طبيب، كانت اولى الاشارات لبدء الخراب الذي اضحى ينخر المنظومة الصحية العمومية.    

"لما قبل اول تقني للتصوير بالأشعة ان يعطل "السكانار" ليوجه المرضى الى مراكز خاصة. لما قبل اول مسؤول او عامل بمخابر التحليل ان يكذب ويتعلل بعدم توفر مستلزمات إجراء التحاليل ووجه المرضى الى مخابر خاصة، لما قبل كبار الاطباء ان يوجه مرضاهم الى مصحات خاصة يعملون بها بعد المداومة بالمستشفى، عم هذا الخراب.  

وتحدث محمد، احد الممرضين عن العلاقة اعوان الصحة بالمرضى ومرافقيهم فيقول "من الغريب ان الكل في تونس اليوم يرجمون سيارة الاسعاف بعد ان نصبوا انفسهم قضاة وأصدروا الاحكام وعثروا على الجناة"، ويضيف "اتفقوا في تشخيص ظنوا اننا لا نعلمه: المنظومة الصحية العمومية تقهقرت وتدهورت وانحدرت الى الدرك الاسفل، بينما نعلم الداء ولا نعطي الدواء".  

لقد اطلق الدكتور هيثم البشروش، رئيس قسم الاطفال والولدان بالنيابة بمستشفى محمد التلاتلي بنابل صرخة فزع منذ موفى نوفمبر 2018 دعا فيها الى إنقاذ المنظومة الصحية العمومية بولاية نابل". هدد بالاستقالة بسبب نقص الموارد البشرية والعجز عن مجابهة تهاطل الحالات، نبه وكتب على الفايس بوك وراسل الوزارة وحضر في التلفزات وفي الاذاعات وصرح للصحف والوكالات "لا تتغافلوا عن تدهور حالة المستشفيات العمومية ان المنظومة العمومية تغرق".    

وقال البشروش، الذي يعتزم مغادرة قسم الاطفال والولدان موفى شهر جويلية القادم، "لقد ازداد الوضع تعكيرا بعد ان غادر طبيبا قسم التوليد بمستشفى منزل تميم وأصبحنا في مستشفى التلاتلي نستقبل كل الحالات الاستعجالية وغير الاستعجالية ".ويستشهد ببعض الأرقام: يؤمن قسم التوليد بمستشفى التلاتلي اكثر من 10 آلاف ولادة في السنة ويؤمن قسم الاطفال والولدان من جهته اكثر من 5200 اقامة في السنة.  

وأضاف بالقول "ان الطبيب التونسي يجد نفسه اليوم اما ثلاثة خيارات، فإذا بقينا في المستشفيات العمومية فنحن من نقتل الرضع وإذا خرجنا الى القطاع الخاص فنحن نبحث عن المال وإذا هاجرنا فنحن نخون الوطن".  

بات تردي حال المنظومة الصحية العمومية زد عليها حيرة الاطباء عن جدواهم وعن مكانتهم من بين ابرز اسباب هجرة اطباء الاختصاص. هجرة اقر وزير الصحة المستقيل عبد الرؤوف الشريف في تصريحات سابقة "بأنها ظاهرة خطيرة بعد ان فاق عدد الاطباء المهاجرين 800 حالة" واكتفى بالإشارة على هامش إحدى الملتقيات بالحمامات "نحن نعول على وطنية أطبائنا للبقاء لخدمة الوطن" بينما اضاف في موضع آخر "سنلتجأ الى إجبار الاطباء على البقاء في تونس" دون أن يوضح كيفية تطبيق هذا الإجراء.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة