الٱن

31/10/2017

باحث في العلوم السياسية محمد الإمام: "حرب مواقع وأزمة ثقة بين النداء والنهضة وراء التعطيلات التشريعية"

بعد فشل مجلس نواب الشعب للمرة الرابعة على التوالي في انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يطرح من جديد ما شهده مسار المصادقة على العديد من مشاريع القوانين أو تجسيدها على أرض الواقع خلال السنوات الأخيرة من تعطيلات، وخاصة تلك المتعلقة بالهيئات الدستورية والمحكمة الدستورية، وغيرها من الهياكل التي يكون الحسم في تركيبتها بيد الأحزاب السياسية وكتلها البرلمانية.

ويرجع مراقبون هذه التعطيلات إلى طبيعة نظام الحكم الذي يضع مصير كافة القرارات بيد برلمان ذي تركيبة متنوعة يعكس تنوع المشهد السياسي، في حين يحمل آخرون الأحزاب السياسية وحساباتها الخاصة الضيقة ، مسؤولية الوصول إلى حالة انسداد في العديد من المناسبات مما يؤثر على مسار الانتقال الديمقراطي برمته، وكذلك على صورة تونس كديمقراطية ناشئة.

المدرس والباحث الجامعي في العلوم السياسية محمد الامام، أوضح في تصريح اليوم الثلاثاء لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أن ما يعتبر تعطيلات لا علاقة له بالنظام السياسي، وأن العديد من الأنظمة الديمقراطية في العالم تضع آليات تمكن السلطة التشريعية من تعطيل مشاريع قوانين تقدمها السلطة التنفيذية، على غرار النظام الأمريكي، معتبرا أن ما يحدث في البرلمان هو مؤشر جيد على وجود "مشهد سياسي متحرك" ، "وهو أفضل بكثير من العودة إلى سياسة الإملاءات الفوقية" حسب تعبيره.

وأشار إلى وجود فرضية بخصوص أسباب تعطيل انتخاب رئيس هيئة الانتخابات، تم ربطها بالحركة الاخيرة للولاة والمعتمدين، تتمثل في وجود رغبة في ضرب الهيئة والمس من مصداقيتها كخطوة أولى لتبرير إعادة الإشراف على الانتخابات إلى وزارة الداخلية.

ويرى الأستاذ الإمام أن الوصول إلى حالة انسداد في مسألة انتخاب رئيس هيئة الانتخابات وقبلها المجلس الأعلى للقضاء وتركيز المحكمة الدستورية وغيرها هو نتيجة ل"حرب المواقع" الدائرة بين أكبر حزبين وهما حركتا نداء تونس والنهضة ، والذي يعود حسب تقديره إلى "أزمة ثقة" بين الحليفين.

وأضاف في هذا الصدد أن التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بخصوص تحالف النداء مع النهضة وبعدها تصريحات زعيم حركة النهضة بخصوص رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، كلها وقائع تؤكد وجود أزمة ثقة بين قطبين يروجان إلى وجود توافق بينهما ، كان من المفروض أن يكون عاملا لتسهيل المصادقة على كل مشاريع القوانين التي تمر في البرلمان واتخاذ القرارات الهامة بالنسبة للدولة.

وقال الباحث في العلوم السياسية في هذا الشان "إنه لا يمكن تحميل ضعف القوانين المصادق عليها مسؤولية التعطيلات التشريعية"، مبرزا أن الهاجس الأساسي للمشرّع بعد الثورة كان توفير الآليات الضرورية للقطع مع المنظومة القديمة وضمان عدم عودتها، ولا يمكن التفكير، حسب تقديره في أن المشرّع كان يهدف إلى خلق تعطيلات عند المصادقة على القوانين مستقبلا، خاصة وأن حركة النهضة كانت تقود المشهد السياسي منفردة ولم تكن هناك فرضية وجود حزب كبير ينافسها أو يفرض عليها خيارات وتوجهات محددة.

وأضاف في هذا السياق أن حركة النهضة اليوم تكتفي بالموقع الثاني، وتتنازل في الكثير من المناسبات عن موقفها أمام حليفها، والذي يمكن تبريره بأن الحركة، ومع رغبتها في البقاء في الحكم ، تحرص على عدم تصدر الصورة وتحمل مسؤولية أي فشل أو إشكال يمكن أن يعترض القائمين على الحكم، غير أن ذلك لا يمنعها من اتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على موطئ قدم لها في هياكل الدولة.

وخلص إلى أن التعطيلات التشريعية هي "لعبة سياسية بامتياز وليست تقنية تتعلق بالنصوص القانونية، وأن المشكل الاساسي هو التحالف بين قطبين متضادين كان من المفروض أن تتولى فيه حركة النهضة دور المعارض الرئيسي غير أنها قررت البقاء في الحكم".

الاكثر قراءة