30/03/2019

امين عام المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال: "انعدام الثقة الرقمية"من أهم اسباب تأخر المنطقة العربية في مجال الاقتصاد الرقمي

قال الامين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات محمد بن عمر ان المنطقة العربية تعد من اكثر المناطق تاخرا في مجال الاقتصاد الرقمي بسبب "انعدام الثقة الرقمية" في علاقة بامن الشبكات والمبادلات الالكترونية، الى جانب "عدم تمكن المواطن العربي من الارتقاء الى المستوى الذي يتيح له سهولة التعامل مع الاليات الالكترونية الحديثة والمتسارعة، وما يشهده العالم حاليا من ثورة ثالثة عنوانها العريض "تكنولوجيا الإعلام والتواصل".  

واضاف في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء انه رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها عديد الحكومات لمواكبة الاليات والمفاهيم الاقتصادية الحديثة، الا ان حجم الاسواق الالكترونية العربية لا يزيد عن 1 في المائة من حجم السوق الالكتروني العالمي، وبين ان كل المؤشرات العربية في هذا المجال تكشف التباين بين دولة وأخرى ، حيث ان 6% فقط من شعوب منطقة الشرق الأوسط تتمتع بتطبيق أنظمة الحكومة الذكية الرقمية، وهو ما يقيم الدليل على تاخر المنطقة مقارنة مع الدول المتقدمة في مجال التحول الرقمي /لا سيما في قطاع الأعمال/ ،الى جانب ضعف المساهمة الرقمية في اقتصادات الدول العربية حاليا والتي لا تتعدى 4% علما وان النسبة العالمية هي 22% .  

ولاحظ امين عام المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في هذا الصدد، ان بعض الدول العربية /ابرزها الامارات العربية المتحدة وقطر والبحرين/ تحتل مكانة متقدمة بين دول العالم من حيث استخدام شبكة الانترنت في ضوء تضاعف معدل تدفق البيانات العابرة للحدود التي تربط المنطقة العربية ببقية دول العالم خلال العشرية الماضية بما تجاوز ال150 ضعفا، وان هذه الدول تأتي في الصدارة على المستوى الدولي، إذ تشهد معدلات استخدام للهواتف الذكية بنسبة 100%، ووسائل التواصل الاجتماعي بنسبة تزيد عن 70%، وهي معدلات تتجاوز حتى مثيلاتها في الولايات المتحدة نفسها. كما حققت دول عربية اخرى قفزة مهمة في قطاع الاستهلاك الرقمي من حيث ارتفاع معدلات الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.  

وأكد بن عمر ان المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، بوصفها احدى اذرع جامعة الدول العربية، تعمل على ارساء الاقتصاد الرقمي انطلاقا من ادراكها اهمية التحديات التي تواجه المنطقة العربية في ظل الدور المحوري للتكنولوجيا الحديثة في تنمية المجتمعات والاقتصادات بشكل عام، مشيرا الى ان التطورات المتلاحقة في مجال تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم، تمخض عنها ما يعرف بالاقتصاد الرقمي الذي اضحى يلعب دورا اساسيا في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص استثمارية حقيقية في شتى المجالات والقطاعات وكذلك في تحقيق الشمول المالي بما يدعم الاقتصادات في مواكبة التطور الاقتصادي العالمي، مشددا في هذا السياق على انه "لا يمكن إنشاء الاقتصاد الرقمي دون خلق بيئة قانونية ملائمة، و استصدار التشريعات اللازمة الكفيلة بإرساء ركائز الأمن الرقمي وحفظ الحقوق، وضمان قانونية المعاملات الرقمية.    

وأفاد بن عمر في الشأن ذاته ان "اعلان بيروت " الصادر عن القمة القمة الاقتصادية التنموية العربية المنعقدة في شهر جانفي الماضي، كان دعا الى ضرورة تبني سياسات استباقية لبناء القدرات اللازمة للاستفادة من إمكانات الاقتصاد الرقمي ودعم المبادرات الخاصة، كما شدد على أهمية وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي، من اجل مواكبة عربية لثورة الاتصالات والمعلومات، وتم في هذا الاطار تكليف المنظمة العربية لتكنولوجيات المعلومات والاتصال، بإعداد استراتيجية عربية في مجال الاقتصاد الرقمي والأمن السيبيراني بالتنسيق مع الاطراف المتدخلة وتشريك القطاعين العام والخاص. وذكر في هذا الاطار، بتبني مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في جامعة الدول العربية في ديسمبر الماضي بابو ظبي، مبادرة" رؤية عربية مشتركة للاقتصاد الرقمي " ، التي سيتم عرضها على القادة العرب لاعتمادها خلال قمتهم التي تنعقد غدا الاحد، للبدء في تنفيذها.  

ويشار الى أن هذه الاستراتيجية تضم 50 مشروعاً سيتم تنفيذها على مدار 10 سنوات قادمة، بقيمة مالية سنوية تقدر بـ60 مليار دولار توفرها الصناديق الاستثمارية للحكومات العربية ومشاركات من الجهات الدولية والقطاع الخاص، ودعم بعض الحكومات العربية، كما تنقسم الاستراتيجية إلى عدة مراحل تضم المرحلة الأولى 10 مشاريع في مقدمتها تطوير وتأهيل البنية التحتية في عدد من الدول العربية، وتوفير خدمة الإنترنت، وإنشاء منصة موحدة للتجارة الإلكترونية العربية ومنصة موحدة للمشتريات الحكومية بين الدول العربية، وتطوير وتوسيع المحتوى العربي على الإنترنت، والتكامل بين مراكز الإبداع العربي.

ويأتي هذا المشروع ضمن خطة للاقتصاد العربي حتى 2030 .  

وباعتبار انه لا يمكن الحديث عن اقتصاد رقمي بمعزل عن الامن السيبيرني، لما لهذا الاخير من دور حيوي في حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية، التي تهدف عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو تعطيل العمليات التجارية "، قال امين عام المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في هذا الإطار "نقوم بعديد البرامج التدريبية في المجال ونقدم المعالجة الفنية لمقاومة الجريمة الالكترونية وإعطاء الفرصة للمختصين في هذا الشأن لحسن التصدي والقيام بالتحريات اللازمة "، مشيرا الى ان "الأمن السيبراني الناجح ينتهج سبيلا يتكون من طبقات متعددة للحماية تنتشر في أجهزة الكمبيوتر أو الشبكات أو البرامج أو البيانات التي يرغب المرء في الحفاظ على سلامتها".

وشدد بن عمر في هذا السياق على "وجوب فهم مبادئ أمان البيانات الأساسية والامتثال لها مثل اختيار كلمات مرور قوية ، والحذر من المرفقات ذات المصدر المجهول في البريد الإلكتروني، والحرص على عمل النسخ الاحتياطية للبيانات".  

وأضاف ان المنطقة العربية تقف اليوم امام خيارين يتمثل اولها في "العملة الالكترونية المشفرة" التي أصبحت حسب خبراء المال والاعمال جزءا راسخا في المشهد المالي الدولي، وهو خيار قال محدثنا انه "يثير العديد من المخاوف باعتبار ان هذه العملة لا تتوفر على اسس اقتصادية ولا ضمانات بنكية لذلك تعتبر "عملة غير امنة"،مضيفا ان الخيار الثاني وهو "العملة الرقمية".

وأفاد في هذا السياق ان البنك المركزي يتولى اصدار هذه العملة ويسلمها للبنوك التي تتولى بدورها منحها للحرفاء في شكل ارصدة رقمية، مبينا ان هذا التوجه يمنح الدولة امكانية مراقبة التدفق المالي في البلاد بكل شفافية ووضوح، وأكد على ان "هاجس القطاع البنكي هو الشمول المالي " مشيرا الى ضعف هذه المستويات في تونس، حيث لا تتجاوز نسبة 10 في المائة في حين تصل المعدلات في العالم الى 60 في المائة.    

وبخصوص الانشطة المستقبلية للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، افاد بن عمر ان المنظمة ستعقد بالتعاون مع المكتب الصيني للملاحة بالأقمار الصناعية ، يومي 1و2 افريل ، الدورة الثانية "لمنتدى التعاون العربي الصيني بيدو" وذلك في إطار التعاون العربي-الصيني بين جامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية ،وتنفيذا لمذكّرة التفاهم بين هذه المنظمة العربية المتخصّصة والمكتب الصيني للملاحة بالأقمار الصناعيّة ومتابعة لمشروع "مركز التميّز الصيني العربي بيدو/ بآيكتو" الذي تمّ إنشاؤه بالقطب التكنولوجي بالغزالة في أفريل من السنة المنقضية.وتنتظم هذه الدّورة الثانية التي تحمل شعار "شراكة - تطبيقات - خدمات".  

وأردف أنّ هذا المنتدى يهدف إلى مزيد تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في مجال الملاحة بالأقمار الصناعيّة التي تلعب دورا هامّا في تطوير الاقتصاد وتحسين حياة المواطنين وكذلك إلى تعزيز الوعي لدى المواطن العربي بصفة عامّة والمختصّين في مجال الاتصالات الساتلية وعلوم الفضاء بصفة خاصّة بالنظام العالمي للملاحة بالأقمار الصناعيّة، ودفع تطوّر هذا المجال والتطبيقات المستعملة لدى الدول العربية ، بالإضافة إلى تنشيط الشراكة بين الشركات الصينية والعربية، وسيشهد حضور وفد رفيع المستوى من الجانب الصيني متألّف من أكثر من 100 مشارك من القطاع العام والقطاع الخاصّ، إلى جانب مشاركة أكثر من 30 شركة خاصّة عاملة في مجال الملاحة بالأقمار الصناعية، وجميع تطبيقاتها بما في ذلك الزراعة الذكيّة والنقل والسلامة والوقاية من الكوارث.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة