المستشفى الجامعي بالقصرين يقترب من تحقيق الاكتفاء الطاقي: محطة شمسية تغطي 70% من حاجياته الكهربائية
يخطو مشروع تجهيز المستشفى الجامعي بدر الدين العلوي بالقصرين بمحطة شمسية للإنتاج الذاتي للكهرباء، خطواته الأخيرة في تحقيق إنجاز نوعي يُجسّد التوجه الوطني نحو تعزيز الطاقات المتجددة وترشيد إستهلاك الطاقة داخل المؤسسات العمومية وخاصة الهياكل الصحية ذات الإستهلاك المرتفع للطاقة.
ويُندرج هذا المشروع في إطار برنامج الإنتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية، الذي أطلقته الدولة بهدف تقليص كلفة الطاقة والحد من التبعيّة للطاقات التقليدية وتحسين الأداء الطاقي للمرافق العمومية، حيث انطلقت أشغال تركيز المحطة بالمستشفى الجامعي بالقصرين في أواخر سنة 2024، لتبلغ نسبة تقدمها حاليًا حوالي 90 بالمائة، مع مؤشرات إيجابية بقرب دخولها حيّز الإستغلال.
ويتمثل المشروع في تركيز محطتين فوطوفولطائيتين للإنتاج الذاتي بطاقة جملية تناهز 568.62 كيلوواط، تم توزيعهما بعناية داخل الفضاءات التابعة للمستشفى بما يضمن أفضل مردودية تقنية، حيث تم تركيز المحطة الأولى حذو مدرسة علوم التمريض بطاقة إنتاج تبلغ 453.96 كيلوواط، وتركيز المحطة الثانية قرب قسم طب وجراحة العيون بطاقة إنتاج تُقدّر بـ 114.66 كيلوواط.
وقد تم تأمين موقعي المحطتين بسياج واقٍ، إلى جانب إنجاز الربط الفني مع المنظومة الكهربائية التابعة للشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ)، في انتظار استكمال بعض الإجراءات الفنية والإدارية النهائية.
وتُقدّر الكلفة الجملية للمشروع بأكثر من 830 ألف دينار، بتمويل من البنك الألماني للتنمية وصندوق الإنتقال الطاقي وتحت إشراف الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، وذلك في إطار دعم تونس لمسارها نحو اقتصاد أخضر منخفض الكربون وتعزيز الشراكات الدولية في مجال الطاقات النظيفة.
وكشف مدير المستشفى الجامعي بدر الدين العلوي بالقصرين نزار الميساوي في تصريح لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، على أنّ هذا المشروع سيمّكن المؤسسة الصحية من تغطية حوالي 70 بالمائة من حاجياتها من الطاقة الكهربائية، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجابًا على التقليص من كلفة فواتير الكهرباء وضمان استمرارية التزود بالطاقة وتحسين ظروف العمل وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.
ولفت الميساوي إلى أن المستشفى يُعد أول مؤسسة صحية بالجهة تنتفع ببرنامج الإنتقالي الطاقي، معربًا عن أمله في تعميم هذه التجربة على بقية المؤسسات الصحية بالولاية في إطار رؤية وطنية شاملة.
من جهته، أوضح المهندس الأول اختصاص كهروميكانيك بذات المستشفى والمشرف على متابعة المشروع عبد الحكيم حاجي لصحفية "وات" أنّ المحطتين ستغطيان النسبة الأكبر من الإستهلاك الكهربائي اليومي للمستشفى (70 بالمائة ) في حين يتم تأمين الجزء المتبقي عبر شبكة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وبيّن أنّ المشروع بلغ مراحله الأخيرة ولم يتبق سوى استكمال عمليات الربط بالمحولات الكهربائية وإجراءات القبول الفني النهائي.
وأكد حاجي أنّ الدولة تشجّع بقوة مثل هذه المشاريع لما لها من دور محوري في إنتاج الطاقة الكهربائية ذاتيًا والحدّ من الإنبعاثات الكربونية وتعزيز الأمن الطاقي للمؤسسات العمومية والمساهمة في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا الى أنّ الشركات المنجزة للمشروع توفّر ضمانًا تقنيًا لمدة سنتين بعد التركيب، مع إمكانية إبرام عقود صيانة دورية لاحقًا بما يضمن استمرارية الأداء ونجاعة المنظومة.
وأضاف أنه تم منذ إنطلاق المشروع، إنجاز دراسات جغرافية وجيوتقنية مفصّلة من قبل مكتب دراسات مختصّ أخذت بعين الإعتبار خصوصيات ولاية القصرين من حيث طبيعة التربة وقوة الرياح ونسبة التساقطات، فضلًا عن التنصيص في العقود على إجراءات التعويض والتدخل السريع في حال حدوث أعطاب.
ويُعد هذا المشروع نموذجًا عمليًا لنجاعة برنامج الإنتقال الطاقي في المؤسسات العمومية، الذي يشمل حاليًا عشرات الهياكل الإدارية والصحية والتربوية، ويهدف إلى تخفيض إستهلاك الطاقة التقليدية ودعم الطاقات المتجددة وتحسين النجاعة الطاقية وتخفيف الضغط على ميزانية الدولة وتعزيز إستدامة المرافق العمومية.
ومن المنتظر أن يدخل المشروع حيّز الاستغلال في القريب العاجل، ليكون مكسبًا استراتيجيًا للمنظومة الصحية بولاية القصرين، وخطوة إضافية نحو تعميم الحلول الطاقية النظيفة على المستوى الوطني.
















