الٱن

18/12/2024

أيام قرطاج السينمائية 2024: الفيلم الوثائقي "شهيلي" لحبيب العايب... صوت الفلاحين في مواجهة التغيرات المناخية

"شهيلي" تسمية يُطلقها سكان شمال افريقيا على الرياح الساخنة والجافة التي تهب في مناطق شمال إفريقيا. وتتميز هذه الرياح عادة بأنها تؤدي إلى ارتفاع شديد في درجات الحرارة، فيكون الجو حارا وخانقا.

مصطلح "شهيلي" أطلقه الباحث في علم الجغرافيا والمخرج التونسي حبيب العايب على فيلمه الوثائقي الجديد (77 دقيقة)، الذي تمّ تقديمه مساء الثلاثاء في مسرح الجهات بمدينة الثقافة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية (14 - 21 ديسمبر 2024). وقد نقل من خلاله المخرج صرخة الفلاحين من أجل مواجهة صريحة للتغيرات المناخية باعتبارها أزمة تهدّد البشر والكوكب.

يركز الفيلم على تأثير التغيرات المناخية على الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة هم الفلاحون، الذين يعتبرون المتضررين الرئيسيين من هذه الأزمة. وعلى الرغم من افتقارهم للمعرفة العلمية حول المصطلحات أو المفاهيم الأكاديمية المتعلقة بالتغير المناخي، فإنهم يعيشون آثاره يوميًا ويُظهرون وعيا عمليا ملموسا ويقدّمون مقترحات من أجل مقاومته.

وجاء الفيلم محمّلا بشهادات مؤثرة لفلاحين من تونس والمغرب وإيطاليا وفرنسا. ومن بين الشهادات المؤثرة التي وردت في الفيلم، تصريح لفلاح تونسي قال فيه إنه "ينبغي استبدال بعض المحاصيل الزراعية بأخرى أكثر مقاومة". وهي عبارات تلخص الحلول البسيطة والعميقة التي يقترحها الفلاحون للتكيف مع التغيرات المناخية.

يُبرز حبيب العايب في فيلمه معاناة المجتمعات الريفية في تونس وغيرها من البلدان، حيث وصفت إحدى الناجيات من فيضانات فالنسيا هذه الكوارث بأنها "حرب بلا قنابل"، فالتغيرات المناخية، كما يوثقه الفيلم، هي حرب تدمر الزراعة وتهدد سبل العيش وتؤدي إلى نزوح السكان.

 الرأسمالية في قفص الاتهام

يستعرض الفيلم بشكل مباشر الجناة المسؤولين عن تفاقم الأزمة. ويشير إلى النظام الرأسمالي بجميع أشكاله الاستعماري والصناعي والاستهلاكي. ومن بين الأمثلة التي يذكرها الفيلم سياسة تونس الفلاحية حيث أصبحت البلاد التي تمنح رخصا لتعليب المياه المعدنية رغم معاناتها من الجفاف.

ويرفض الفيلم الدعوات إلى "التكيف السلبي" مع التغيرات المناخية، ويدعو إلى المقاومة بشكل عاجل وفعال قبل فوات الأوان. كما يستعرض أمثلة على ذلك مثل الفلاحين في الجنوب التونسي الذين يواصلون زراعة التمور المحلية "العليق" المقاومة للتغيرات المناخية، أو المزارعين في إيطاليا الذين يدعون إلى العودة إلى الزراعة التقليدية.

وأراد حبيب العايب من خلال "شهيلي" دقّ ناقوس الخطر للتحرك العاجل لمقاومة التغيرات المناخية، من خلال رحلة مؤثرة ومأساوية بين جنوب المتوسط وشماله ليكشف عن كارثة تتطلب عملا جماعيا ومقاومة مستمرة. وينبّه العالم إلى حقيقة واحدة هي أن التغيرات المناخية ليست مستقبلا بعيدا بل هو حاضر يجتاح العالم أجمع ويحتاج إلى تدخل عاجل.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة