04/12/2020

أزمة التزود بقوارير الغاز كشفت إشكالية عزوف المواطن عن الربط بشبكة الغاز الطبيعي

كشفت أزمة التزود بقوارير الغاز في تونس مؤخرا، التي امتدت لأكثر من عشرة أيام تعذب خلالها المواطن في ذروة البرد القارس في رحلة بحث مضنية للحصول عن قارورة غاز، عن مسالة مهمة في الواقع تتعلق بواقع الربط بشبكة الغاز الطبيعي في تونس.

في الوقت الذي لا يزال عشرات آلاف المواطنين يعانون من أجل الحصول على قوارير الغاز المنزلي المدعمة وبأسعار زهيدة، ويتغافلون عن توجيه اهتمامهم للحصول على عدادات الغاز الطبيعي، هذه المادة المتوفرة على مدار العام وتغني عناء البحث عن قارورة غاز يتم استعمالها لأيام معدودات.

وعرت أزمة التزود بقوارير الغاز في الأيام الأخيرة جراء الاعتصام الذي نفذه عدد من شباب ولاية قابس في المنطقة الصناعية بالجهة ما نجم عنه شلل في توزيع القوارير غاز النفط المسال المخصصة للاستعمال المنزلي، مسالة الوعي بضرورة التخلي عن الاستعمال المحدود في الزمن لقوارير الغاز الى تعميم شبكة الغاز الطبيعي في كامل البلاد.

وعن واقع الربط بشبكة الغاز الطبيعي وأسباب عزوف المواطن عن ادخال عدادات الغاز وبرامج الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ)، يقول مدير الإدارة التجارية والتسويقية بالشركة التونسية للكهرباء والغاز سامي بن حميدة ، ان للشركة برنامج وطني لربط المدن بشبكة الغاز الطبيعي لغرض تعويض استعمال قوارير الغاز المنزلية ويجري حاليا هناك بمدن ومناطق بلدية انجاز أشغال قصد إيصال شبكة الغاز الطبيعي.

وأكد في حوار مع وكالة تونس افريقيا للأنباء وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن برنامج الغاز الطبيعي له كلفة باهظة جدا على الشركة التونسية للكهرباء والغاز "الستاغ" الا انه يمثل خيارا وطنيا واستراتيجيا.  

   عزوف غير مبرر

وتعكس الوقائع ومقاطع الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي وحجم الطوابير ومعاناة المواطن في الحصول على قارورة غاز، مدى عزوف العديد منهم على الارتباط بشبكة الغاز الطبيعي بسبب تذمرهم من غلاء كلفة الربط بالشبكة .

وأفاد المسؤول في هذا السياق ان مساهمة الحريف في كلفة الربط لا تتعدى 20 بالمائة من الكلفة الإجمالية للربط التي تتحملها الستاغ.

وتبلغ كلفة الربط الجملية بشبكة الغاز الطبيعي للحريف الذي يقطن في مسكن فردي 985 دينارا غير انه لا يدفع سوى 220 دينارا فقط.

وبالنسبة إلى المساكن الجماعية تبلغ كلفة الربط 429 دينار فيما يساهم الحريف ب 70 دينار فقط.

ويعتقد بن حميدة أن الإشكال الحقيقي من وراء عزوف الموطن على الربط بشبكة الغاز الطبيعي يتعلق بكلفة الربط الداخلي إي إيصال الشبكة من أمام المنزل إلى داخله، موضحا أن سعر متر النحاس (25 د للمتر الواحد) ارتفع كثيرا في الفترة الأخيرة إلى جانب ارتفاع كلفة اليد العاملة لإنجاز أشغال الربط الداخلي.

   ولفت إلى أن الستاغ لا تزال تسند قروضا بمبلغ أقصى في حدود 500 دينار من أجل مساعدة الحرفاء على الربط بشبكة الغاز الطبيعي وتحمل أعباء تكاليف الربط في الشبكة الداخلية.  

   حلول

ولتجاوز هذه الوضعية أكد مدير الإدارة التجارية والتسويقية بالستاغ أن الإدارة العامة بصدد التفكير في حلول في الغرض على غرار الدخول في شراكة مع صندوق الانتقال الطاقي لأجل تقديم منح ومساعدات للمواطن وتحفيزه على الربط بشبكة الغاز الطبيعي وانجاز الأشغال الداخلية فقط ،موضحا أن الستاغ تقوم بدورها في مد قنوات الغاز الطبيعي وتركيب العدادات أمام المنازل والسكن الجماعي.

وعما إذا قامت الشركة ببحث حول الأسباب الكامنة وراء عدم إقبال المواطن على الربط بشبكة الغاز الطبيعي، أفاد المتحدث انه تم فعلا انجاز دراسات في الغرض تؤكد غلاء تجهيزات الربط بالشبكة الداخلية علاوة على الجانب الأمني من خلال مواصلة تخوف الأفراد من إمكانية تسرب الغاز داخل المنزل غير انه أكد أن نسبة الحوادث الناجمة عن تسرب الغاز تكاد تكون صفر وفق رأيه عكس الحوادث الناجمة عن سوء استعمال قوارير الغاز.

كما لاحظ أن عددا كبيرا من المواطنين يحبذون اقتناء قارورة غاز لسعرها المدعم والمتدني ما يجعله يعزف عن الربط بشكة الغاز الطبيعي.

وتباع القارورة في السوق 7 دنانير و700 مليم ويقع دعمها من الدولة بحوالي 16 دينار و500 مليم أي ان سعرها الحقيقي وبالأسعار العالمية في حدود 24 دينارا وفق معطيات وزارة الصناعة والطاقة والمناجم.

واعتبر أن الغاز الطبيعي يعد مدعما لفائدة حرفاء الجهد المنخفض بنسبة تصل إلى 60 بالمائة، اذ يتراوح معدل سعر المتر المكعب للغاز الطبيعي لحرفاء الجهد المنخفض الخاص بالحرفاء المنزليين بين 231 مليما و557 مليما لكبار المستهلكين.  

   تراجع عدد المنخرطين

واقر سامي بن حميدة من جانب اخر بتراجع عدد المنخرطين في شبكة الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة من معدل نمو بين 7 و10 بالمائة خلال الفترة 2012/2016 ليتدنى إلى تطور ضئيل ما بين 3 و4 بالمائة في الفترة 2017/2019 .

ووصل عدد المنخرطين الجدد في سنة 2016 إلى 72 ألف ليتراجع إثر ذلك إلى 34 ألف في 2017 لافتا إلى أن منحة صندوق الانتقال الطاقي التي كانت تسندها الدولة لهذا الصندوق توقفت.  

   استراتيجية جديدة

ولفت إلى أن الهدف المنشود هو تغطية كامل تراب الجمهورية ولئن لم يحدد تاريخا زمنيا في الغرض إلا انه أبرز أن مشاريع الغاز تتم حسب المدن والمناطق البلدية.

ولئن بلغ عدد حرفاء الكهرباء حوالي 4 ملايين فان عدد حرفاء شبكة الغاز يبلغ حاليا 926 ألف وفسر المسؤول العدد المتواضع لحرفاء الغاز الطبيعي بأن شبكة الكهرباء منتشرة في كامل أنحاء الجمهورية بينما شبكة الغاز ليست منتشرة في كامل البلاد وان الاشغال تتم وفق المناطق.

ولفت إلى أن طاقة التنفيذ والربط بشبكة الغاز الطبيعي تبلغ 45 ألف حريف جديد سنويا وان المخطط2025/2021/ سيمكن من ربط 31500 حريف فردي بشبكة الغاز و13500 حريف في السكن الجماعي وان الكلفة الجملية لهذا المخطط تبلغ 184 مليون دينار

وخلص الى أن الستاغ بصدد التحاور مجددا مع صندوق الانتقال الطاقي ليمنح مساعدات ومنح من شأنها الرفع من نسق انجاز اشغال الربط بشبكة الغاز الطبيعي.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة