الٱن

09/08/2018

مهرجان الحمامات الدولي: كاتيدرال .... فن انعتاق الجسد

التقى جمهور مهرجان الحمامات في سهرة الثلاثاء 7 اوت مع العرض الاسباني "كاتيدرال" لراقصة الفلامينكو المتميزة باتريسياڨريرو. و قد كان الحضور الجماهيري كثيفا و متنوعا، من جنسيات مختلفة، جاء خصيصا للتمتع بعرض ذي صيت عالمي رغم مزاجية الطقس في مدينة الحمامات هذه الايام.

الفلامينكو : رقصة المكلومين

اختلف الباحثون و المؤرخون طويلا حول نشاة و اصل فن الفلامينكو ، حول التاثيرات و الجماليات البارزة فيه .لكن البحوث المختلفة، لعلها تتفق في نقاط جوهرية اهمها ان  الفلامينكو ظهر  في القرن الثامن عشر عند الغجر الذين حافظوا على نكهة موسيقاهم، وطوروا أداءها وصنعوا تميُّزها، بالرغم من بروز مؤثّرات أخرى في هذا الفن، تعود للثقافات المورسكيية ذات الأصول العربية الشمال افريقية و المؤثرات اليهودية  والثقافة الإسبانية المحلية. الطابع الشرقي بارز جداً في الأداء الحركي والموسيقي؛ من حيث اعتماد الحنجرة في الغناء، والهرمنة في أنماط التأليف الموسيقي، وواضح جداً ذلك التشابه بين مقامات الفلامنكو، ومقامات الغناء العربي. وإن لم يتفق الباحثون على اصل اللفظة و معانيها الايبستيمولوجية إلا ان جل الدراسات تلتقي في القول ان الفلامينكو هو مزيج بين تعبيرات اقوام تائهين مهزومينومظلومين، حاولوا من خلال عنفوان الجسد و تأوهات الاداء الصوتي و الموسيقي التعبير عن الاضطهاد الذي نالهم و التصعيد عن إحساس متأصلبالظلم و الحيف . الفلامنكو رقصة لا تتمحور حول قصة رومانسية بقدر أنها ملحمة إنسانية شامخة،  ثورة ضد الألم، ضاربة في عمق الارض متطلعة إلى رحاب السماء

كاتيدرال : لتحرير المراة ، ترقص باتريسياڨريرو.

باتريسياڨريرو ، من اهم الاسماء الفنية  التي فرضت حضورها على ساحة الفلامينكو في اسبانيا . اضافت الى هذه الرقصة ابعادا جديدة من خلال مزجها بتعبيرات راقصة اخرى و مساءلتها للعوالم الموسيقية المختلفة

، فصنعت من الفلامنكو لغةً بمفردات متطورة.رغم انها لم تتجاوز ربيعها الثالث إلا ان إتقانها المبهر وقدراتها الادائية جعلت الجمهور يصفق طويلا و يتماهى مع تفاصيل العرض رقصا و غناء و موسيقى

في هذا العمل، "كاتيدرال" تلتقي باتريسياڨريرو على الركح مع ثلاث راقصات متميزات هن مايز ماركيز، آنا اڨراز، مونيكا إڨليزياس . يرافقهن غناء الصوت المتميز لخوسي انجال كارمونا وثنائي التينور دياغو و دانيال بيريز ،وعزف خوان ركينا على القيتار و اوغسطيندياسارا .

بكتابةكوريغرافية و دراماتورجية ، صنعت باتريسياڨريرو عالما يتارجح بين العتمة و بقع الضوء، تصدح فيه اجراس الكنيسة و صورها كرمز للمقدس من جهة  و للسلطة و قيودها من جهة اخرى.

عالم يتخبط فيه جسد المراة بحثا عن الانعتاق و الحرية من براثن مكبلات تاخذ اشكالا عدة : ذكورية المجتمع و الثقافة، سلطان الدين بيد محتكريه....

في عنفوان الحركة ،قوتها و جموحها ، في انسيابيتها ،عمقها و شهوانيتها تروي الراقصات على الركح ثنائية الجدلية بين المقدس و المدنس في عالم تسكنه الموسيقى ، الايقاعات و الاصوات و يرسمه الضوء والنور.

….. كاتيدرال، إحتفالية راقصة، تعانق التصوف في معناه الواسع

الاكثر قراءة