23/07/2018

مهرجان الحمامات الدولي : جاهدة وهبة استثناء يحلق خارج السرب

سهر جمهور مهرجان الحمامات الدولي في دورته الرابعة و الخمسين التي تحمل شعار "الحمامات تعشق الحياة", ليلة الأحد 22 جويلية مع عرض موسيقي للفنانة اللبنانية جاهدة وهبه، بمصاحبة موسيقية للفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو محمد الأسود.

جاهدة وهبه هي كاهنة المسرح، شاعرة الصوت أو ديفا الشرق كما لقبتها الصحافة العربية والغربية و"المجاهدة في سبيل الفن الأصيل" كما قال عنها الكبير وديع الصافي.

استهلت ديفا الشرق عرضها بمقطوعة لفيروز "سكن الليل", محملة بنسائم عليلة أذهبت وطأة الحر في مدارج المسرح المطل على البحر، فتنفس الجمهور جرعة من فن الزمن الجميل بصوت هز وجدان كل الحاضرين و أكد أنها استثنائية صوتا واختيارا.

ثم توقفت قليلا لتسلم على الحضور وتشكر مهرجان الحمامات على دعوتها لهذا العرض و الفرقة الموسيقية المتميزة التي دعت لها من لبنان "ايلي معلوف" على البيانو و "يوسف زيد" ضابط إيقاع، و انطلقت في التغني بحب تونس قائلة : "كيف نشفى من حب تونس...أحبك يا تونس...أحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد", فكانت المفاجأة بتلحينها لأغنية تحمل كلمات النشيد الوطني التونسي لابي القاسم الشابي "اذا الشعب يوما أراد الحياة" أهدتها لشهداء تونس.

سهرة قدمت من خلالها فنا جمع بين المتعة والثقافة في الوقت ذاته، فهدف جاهدة هو الوصول لقلوب الناس والشباب.

واصلت جاهدة تحلق بنغماتها وآهاتها لتشعل المكان رومانسية وكلمات مليئة بالغزل وتنثر الحب في كل مكان يصل فيه صوتها، فأطربت الحضور وقدمت موسيقى مختلفة، حتى الأطفال حركت داخلهم متعة نغماتها و إحساسها القوي بمقطوعة "أهو ده لي صار", فتجاوب معها طفلان دعتهما للركح للغناء معها هذه المقطوعة.

"يا زهرة في خيالي"، "كنت سأنجب منك قبيلة"، "يا ريت"، "ياحبيبي تعالى" ، أغان لشعراء و كتاب كبار أمثال أحلام مستغانمي و طلال حيدر و محمود درويش، حركت بهم جنبات المسرح، فلم تتوقف طيلة العرض عن الغزل والإبحار في الرومانسية.

تمكنها من أصول الموسيقى إلى جانب صوتها القوي جعلاها تتجاوز موهبتها و كل الحدود، لتغرق مستمعيها بعوالم من المتعة و الرقي، و هو ما تجلى في مقطوعة "يا طير الحمام" التي تميز فيها أيضا قائد الفرقة الوطنية للموسيقى المايسترو و الدكتور محمد الأسود بالعزف على الكمان.

"معجزة الحناجر المباركة" كما وصفتها الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي سلكت نهجا خاصا بها ، فقدمت موسيقى مختلفة غردت على اثرها خارج السرب.

و نسجت للأغنية لونا خاصا أضحى له اسمها، فلونتها بإضافات مختلفة من صوتها القوي الممتد المساحات... المساحات الخالية من العبث و الضجيج و الفوضى.

"انت عمري" لكوكب الشرق أم كلثوم واحدة من الأغاني التي وقف الجمهور إجلالا لجاهدة لقوة أدائها، فالرصانة و الإبداع و السكون و التفرد دون السقوط في التقليد الأعمى هي الطريق التي تسلكها جاهدة في سبيل الرقي الفني.

   لم يكتف الجمهور من جاهدة في هذه السهرة رغم هذا الكم الكبير من الأغاني، فصاحبة الإجازة في علم النفس رسمت لنفسها شخصية قوية تواقة إلى الحرية..هذه الشخصية تجلت في مقطوعاتها الموسيقية التي بحثت فيها عن العمق و الجودة في الآن ذاته.

ويسهر جمهور الدورة 54 لمهرجان الحمامات الدولي مساء اليوم 24 جويلية مع عرض مسرحية الفرحة او la gioa لبيبو دلبونو Pippo Delbonno رجل المسرح الإيطالي المعروف الذي يضرب موعدا مع الألوان وفنون الركح المتنوعة.

الاكثر قراءة