الٱن

13/08/2022

منوبة: تجربة مربيّة حلزون في وادي الليل حوّلت شغفها الى درب نجاح

وكالة تونس إفريقيا للأنباء

 بعد 17 عاما من العمل والكد، اختارت فدوى مغادرة مكتبها، وحزمة الملفات والاعمال الادارية، والساعات التي تقضيها امام شاشة الحاسوب، كتقني سامي في التجارة بمؤسسة خاصة، الى هدوء الطبيعة والمناظر الجميلة والراحة النفسية.

خيرت فدوى السالمي، اصيلة ولاية صفاقس، الانزواء بارضها بمنطقة صنهاجة من معتمدية وادي الليل بولاية منوبة، لتخوض تجربة جديدة تمثلت في بعث مشروع لتربية الحلزون، تجربة تطورت شيئا فشيئا منذ انطلاقها قبل اربع سنوات لتصبح رائدة، رغم الصعوبات..

كسبت فدوى وهي ام لابنين، جميع التحديات التي خاضتها، فمن قرار ترك الوظيفة، الذي كان صعبا، الى تحدي بعث مشروع يثير مخاوف هياكل التمويل، وصعوبات التعامل مع هذا الكائن الرخوي وإنتاجه البيولوجي، واكتساب معرفة تغذيته ووقايته وحمايته، وتحويله من هواية الى منتوج فلاحي ذو افاق واعدة في التصدير ..

تقضي الباعثة اغلب وقتها في ضيعتها الصغيرة، تقوم بالاعتناء بنفسها بالحلزون والقيام بكافة الاشغال من تجهيز الغذاء والماء وتفقد البيوت والقيام باعادة الحلزون الذي يخرج من البيوت الى مكانه، معتبرة انه نظرا لدقة العمل يصعب التعويل على العملة، وان سندها في المشروع هو زوجها والتمسك بشغفها..

تقول فدوى ان بدايتها لم تكن سهلة، بين الصعوبات الادارية والتكوين الذي قامت به لتطوير معارفها حول تقنيات تربية الحلزون، وبين تكفلها التام بكلفة المشروع الذي اعتمد على دورة بيولوجية كاملة في بيوت بالهواء الطلق، مسيجة ومزودة بشبكة ماء، ووحدة تبريد صغرى وكل التجهيزات الضرورية، معتبرة انه "في تحدي الصعاب كانت روعة المغامرة".

انطلق المشروع سنة 2018، باقتناء 1500 ام حلزون، وبوحدتي او بيتي تربية، ثم تحولت فادية في ظرف سنة واحدة الى منتجة امهات حلزون، وتوسع الانتاج ليشمل 13 وحدة تثمين حلزون، تحتوي على ظروف مناخية محددة ذات رطوبة معتدلة وغذاء في شكل مزروعات من سلق وخص، وتربة ملائمة للتوالد والاختباء تحت الأرض لصنع القوقعة.

سنة بعد سنة، تضاعف الانتاج، لتصبح فدوى مروجة امهات وصغار الحلزون من صنف الرمادي الكبير والصغير، وهو الصنف المتاقلم مع مناخ بلادنا والذي اثبتت التجربة امكانية تثمينه وبكثافة.

تعتبر فدوى ان تربية الحلزون اختصاصا صعبا حيث لا تتوفر له في بلادنا ارضية التمويل والدعم، كما يصعب الحصول على شهادة صحية تخول للمربين ترويجه بالنزل او تصديره، وهو امر يعيقها وكافة المربين بكامل جهات الجمهورية ..

كما تعيق هذا الاختصاص قلة المعرفة به وسرعة التاقلم مع متطلباته من مناخ وتغذية وغيرها، اذ تتطلب سلسلة إنتاج الحلزون التجدد والاستنباط والبحث عن طرق حديثة قادرة على تخفيف نسبة موت الحلزون وتاثره بارتفاع درجات الحرارة، والبحث عن الغذاء الملائم له، حيث قامت فدوى باعتماد القمح والذرة في تغذية الحلزون، والاستغناء عن الاعلاف الجاهزة.

لم تثن تلك الصعوبات فدوى من المضي قدما، في مسار نجاح تجربتها الفريدة، خاصة مع عدم ديمومة اغلب مشاريع تربية الحلزون، واستسلام المربين عند اول صعوبة تعترضهم ومن ابرزها تاثر الحلزون بالعوامل الطبيعية كالحرارة.

وتمكنت الباعثة من مضاعفة الانتاج، لكن عدم تشكيل لجنة مشتركة من مصالح الفلاحة، لمعاينة مشروعها واسنادها شهادة صحية، كان العائق الاكبر الذي صعّب عملية الترويج داخل تونس او خارجها، اذ ان عليها الاستظهار بتلك الشهادة لبيع امهات الحلزون للباعثين، ولتسويق منتوجها في النزل التي تشجع اغلبها على اقتناء الحلزون.

تعتبر فدوى ان ثقافة استهلاك الحلزون ظلت محدودة جدا واقتصرت على اكلات ببعض الجهات دون سواها، على عكس البلدان الاوروبية خاصة التي تستهلكها بكميات كبيرة وتعرض باكلات متنوعة في المطاعم والنزل، لاقتناع المستهلك بقيمته الغذائية الكبرى.

كما ان استعمالات الحلزون لا تكمن في استهلاكه فقط، بل استخراج لعابه واستعمال بيضه ككنز ثمين للتجميل والبشرة، وكمادة حيوية مغذية تستعمل في صناعة مواد التجميل، وهو ماتقوم به في وحدة انتاجها بكميات محدودة، وحسب الطلب لبعض المخابر، والتي تحولها إلى مراهم لمعالجة آثار الجروح، والتخلص من عيوب البشرة.

من جهته يؤكد الزوج فوزي القسنطيني ان زوجته متمسكة بحلمها وباصرار على نجاحه واكسابه الديمومة، وانها استطاعت اكتساب المعرفة والمهارات الضرورية، وتجاوز الصعوبات بالصبر والمثابرة، لكن ذلك الحلم سيظل رهين دعم الدولة ليس فقط بالتمويل بل بالاسراع في تشكيل لجان اسناد الشهادة الصحية وفتح مزيد مسالك الترويج وخاصة التصدير.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة