25/08/2019

لطفي بوشناق على ركح قرطاج يراوح بين إنتاجاته الجديدة والقديمة ويمتع جمهورا متشوقا

برصيد هام ومتنوع اعتلي الفنان التونسي لطفي بوشناق مسرح مهرجان قرطاج في دورته الخامسة والخمسين بجبة تونسية تقليدية، حاملا معه آلته الموسيقية المفضلة وهي العود.

أبو حامد الغزالي "من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج"، وقد نجح بوشناق ليلة أمس السبت في تحريك سواكن آلاف العشاق لصوته الطربي المميز ممن غصت بهم مدارج المسرح الروماني بقرطاج وأثبت من جديد انه من طينة الفنانين الكبار فقد أحكم السيطرة على برنامج حفله وعرف كيف يلزم عشاق صوته ومحبيه بالإنصات إليه مليّا على مدى الساعة والنصف الأولى من السهرة لاكتشاف ما قدمه من أغان ومواويل جديدة أعدها خصيصا لسهرة قرطاج 2019 ولم يرض أن يكون اعتلاؤه الركح لمجرد تكرار الأغاني الناجحة رغم تشوق الجمهور الكبير لسماعها وحرصه في طلب ذلك.

استهل لطفي بوشناق عرضه الفني بوصلة موسيقية جديدة لقصيدة من كلمات الشاعر التونسي آدم فتحي وتتكون الوصلة من ثلاثة موشحات هي "سكن الحب" و"أحبك راضيا" و"حبيبي الممجد" علاوة على موال "أنت وأنا حرفين".

تسلطن لطفي بوشناق وهو يقدم قالبا موسيقيا متميزا ألا وهو "السماعي" بصحبة فرقة موسيقية متميزة تضم نحو أربعين عازفا تحت قيادة المايسترو عبد الحكيم بلقايد. دامت هذه الوصلة الموسيقية أكثر من ساعة تلتها مختارات من أغاني لطفي بوشناق الذي غنى فأبدع فأبهر.

   "هذي غناية ليهم"، "أنا مواطن"، "نساية"، هي بعض الأغاني التي قدمها بوشناق ورددها معه جمهور رائع تحول إلى كورال كبير العدد تحت نظرات إعجاب ممزوجة بالحب والارتياح لبوشناق الذي أخذ عصا قائد الفرقة عبد الحكيم بالقايد ليتحول إلى مايسترو يقود فرقة موسيقية أخرى تضم عشاقا بعشرات الآلاف لم يخرجوا في مرافقتهم الغنائية له عن النوتات الموسيقية للمنتوج الفني الراقي لهذا المطرب التونسي الكبير الذي نجح منذ سنوات في أن يخط اسمه بأحرف من ذهب على الساحة الموسيقية العربية والعالمية مما أهله ليكون سفير سلام لدى الأمم المتحدة.

حفل بوشناق مساء السبت على ركح قرطاج أخذ منحى تصاعديا من حيث النسق فبعد المواويل والقصائد والموشحات لم يخذل المطرب بوشناق جمهوره ممن جاء ليعيش على وقع أشهر وأجمل أغانيه وأكثرها إيقاعا .

من أغانيه الجديدة غنى لطفي بوشناق "ليك انت الغناية" و"كيف شبحت خيالك" وهي تتر مسلسل "النوبة" الذي عرض في رمضان 2019 وهو من إخراج ابنه عبد الحميد بوشناق.

تسلطن لطفي بوشناق أمام التفاعل الجماهيري الكبير فلم يستطع المكوث على كرسيه وكان يتحرك بين الفينة والأخرى تفاعلا مع الحاضرين وملأ أرجاء المسرح الروماني بقرطاج حبا وطربا وفنا راقيا.

هذا المسرح الذي يحمل سحرا غريبا يجعل كل من يعتليه يحس بالحماس والطاقة ليندمج في عالمه الروحي ويتفاعل مع جمهوره المميز.

بين الموشحات وأغاني الحب والسياسة، أخذ لطفي بوشناق الحاضرين إلى عالم مفعم بالحياة والنشوة في سهرة شهدت تفاعلا رهيبا للجمهور مع مطربه المفضل وتعطشا واضحا للفن الطربي والأغنية التونسية الأصيلة.

وكان من بين الحاضرين في هذا العرض الطربي وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين ورئيس الحكومة المفوض كمال مرجان والمدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم محمد ولد أعمر.

سهرة البارحة كانت وفية لعنوانها : "غناية وكتاب"، وكانت فعلا سهرة الفن والطرب والأدب، كانت سهرة غذاء الفكر والروح. فضمن فعاليات "تونس مدن الآداب والكتاب" تم بمناسبة السهرة توزيع قرابة خمسة الاف كتاب لمحبي القراءة والمطالعة، ووجد كل متفرج في المكان الذي ينوي الجلوس فيه كتابا سواء في السياسة أو التاريخ أو العلوم الإنسانية أو غيرها.

وأكد الكاتب العام للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية سيف الله الطرشوني أن هذه التظاهرة تم تنظيمها من طرف وزارة الشؤون الثقافية والمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية وذلك لتشجيع الناس على القراءة والكتابة والتعريف بالكتاب التونسي.

وأضاف بأنه تم اقتناء إصدارات جديدة تتوزع أغلبها بين البحوث والدراسات والروايات والدواوين الشعرية والقصص من مختلف دور النشر التونسية باللغة العربية والفرنسية.

وأكد الفنان التونسي لطفي بوشناق خلال الندوة الصحفية التي أقيمت بعد الحفل أنه يريد دائما تقديم إنتاجاته الفنية الجديدة في بداية كل حفل حتى لا تكون السهرة مملة ولا يكتفي بما هو قديم.

الفنان لطفي بوشناق كان وفيا لانتظارات جمهور قرطاج ومحبيه الذين تنقلوا لمواكبة العرض من مختلف ولايات الجمهورية، سهرة فنية متميزة ومتوازنة جمعت بين الجديد والقديم وأقنعت آلاف الجماهير الذين جاؤوه من مختلف الأعمار وخرجوا بعد أكثر من ساعتين وهم يرددون كلمات أغانيه في سهرة ستظل في البال.

الاكثر قراءة