الٱن

27/11/2020

قانون المالية التعديلي لسنة 2020: أزمة مالية تحتاج إلى أكثر من التوافق

شرع مجلس نواب الشعب، الجمعة، خلال جلسة عامة، في مناقشة مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020، الذي ما ان رأي النور فاتحا باب التمويلات الإضافية، حتى شكل أزمة بين عالمي السياسة والمال فتيلها "الضمانات القانونية".  

ونشب الخلاف حول مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020، منذ إحالته على مجلس نواب الشعب، من طرف حكومة المشيشي، خلال شهر اكتوبر 2020، ورفضه من طرف لجنة المالية بمجلس نواب الشعب ، يوم 28 اكتوبر 2020 لحاجته الى التعديل.  

وسحبت حكومة المشيشي، المشروع يوم 13 نوفمبر 2020، لتعيده الى لجنة المالية بالبرلمان ، منقحا، في وقت لاحق وتناقشه اللجنة ، وتقره يوم 18 نوفمبر 2020 ، بناء على توافقات عبرعنها وزير الاقتصاد والمالية على الكعلي بين الحكومة والبنك المركزي التونسي.  

ويعود سحب القانون اساسا الى رغبة البنك المركزي التونسي، الذي لجأت إليه الحكومة لتمويل عجز هائل في ميزانية الدولة لسنة 2020 بفعل جائجة كوفيد -19 قارب 4ر11 مليار دينار، في تخفيض المبلغ المطلوب والحصول على الضمانات اللازمة.  

ويكاد يكون مسار مناقشة وإعادة تنقيحه عبر تخفيض المبلغ المطلوب ، وصولا الى المصادقة عليه أمرا طبيعيا لكن "اصرار البنك المركزي التونسي على الحصول على ضمانات برلمانية " لتمويل عجز ميزانية الدولة لسنة 2020" عاد لاشعال الفتيل من جديد.  

وترى بعض الأطراف على غرار رئيس لحنة المالية بالبرلمان هيكل المكي ان" الحكومة لم تتفق مع البنك المركزي بخصوص تمويل عجز الميزانية، ووضعت البرلمان في موقف محرج يدفعه إلى إعطاء التفويض رغم أنها هي المسؤولة الوحيدة على قانون الميزانية".   

وسعت لجنة المالية بالبرلمان ، وهي تناقش أو تصادق على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 ، في نسخة الاولي معدلا باغلبية اعضائها الحاضرين، الى إرجاء مواضع الخلاف ونقلها الى الجلسة العامة التي ستناقش المشروع.

  

   مداخلة الحكومة فرصة لإزالة الغموض    

يعد وضوح مداخلة الحكومة بشأن العجز المسجل في ميزانية الدولة لسنة 2020 وكذلك حقيقة التوافقات مع البنك المركزي التونسي لتمويل العجز امام مجلس نواب الشعب، الجمعة، وصفة لنزع فتيل الازمة خلال مناقشة مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020.  

وتتاكد الحاجة الى توضيح ملف الضمانات القانونية ، في ظل محافظة الحكومة على الصمت في ما يتعلق بعلاقتها مع البنك المركزي التونسي الذي ترى أنه اعتاد خلال السنوات الماضية دعم الحكومة وتمويلها.  

وتعد مناقشة قانون المالية التعديلي اول اختبار لحكومة المشيشي ، التي باتت على ابواب مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2021 وبلوغها 100 يوم من توليها السلطة التنفيذية.  

وترى الحكومة ان اتساع عجز الميزانية لسنة 2020 ، يعود الى سياق خاص اتسم بتفشي جائحة كوفيد -19 محليا ودوليا مما ادي الى انعاكسات كبيرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية ".  

وتعتبر ان تحيين نفقات الدولة لسنة 2020 يندرج في اطار وفاء الدولة بتعهداتها تجاه مختلف المزودين وذلك عبر رصد اعتمادات مخصصة أساسا لنفقات الدعم وخلاص مقاولي الاشغال العامة.  

وتتوقع الحكومة ، باعتبار النقص في الموارد والزيادة في النفقات ، ان يبلغ العجز سنة 2020 ، قرابة 4ر11 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 3 بالمائة مقدرة اوليا مما يتطلب تعبئة تمويلات اضافية تناهز 1ر8 مليار دينار.  

وسترفع هذه التمويلات الإضافية حجم الدين العمومي سنة 2020 ، الى 88 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي او حوالي 7ر97 مليار دينار.

  

   البنك المركزي : مساندة مشروطة

يوكد البنك المركزي التونسي ، عبر مراسلته الموجهة الى مجلس نواب الشعب يوم 20 نوفمبر 2020، والمتعلقة بتمويل عجز ميزانية الدولة لسنة 2020 ، دعمه للحكومة لمجابهة تداعيات كوفيد -19 على المستوى الوطني مع الحفاظ على التوازنات العمومية.  

ولفت الى ان تقليص مبلغ التمويل الاضافي من زهاء 10 مليار دينار الى 1ر8 مليار دينار يعد امرا هاما ويقلص من حجم الاقتراض الداخلي في تونس.  

لكنه اشار في المقابل الى ان التمويل طويل الأجل عبر شراء بات لرقاع الخزينة القابلة للتنظير من شانه رفع المستحق للبنك المركزي في اطار عمليات السوق المفتوحة الى 4ر6 مليون دينار مقابل 6ر3 مليون دينار حاليا اي ما يعادل 60 بالمائة من اجمالي عمليات السياسة النقدية و18 بالمائة من اجمالي ميزانيه.

  

   القانون الاساسي او التفويض القانوني

يواجه المشرعون، في تونس وهم يناقشون قانون المالية التعديلي لسنة 2020 ، عقبة أولي تتمثل في القانون الاساسي للبنك المركزي المؤرخ في 25 افريل 2016 والذي يمنع البنك من التمويل المباشر لخزينة الدولة ، وثانية تتعلق بمنح "تفويض برلماني".  

وتعد النقطتان محل خلاف، خاصة وان تعديل هذ القانون الأساسي للبنك المركزي كان محل مبادرة تشريعية تقدمت بها الكتلة الديمقراطية. كما ان التفويض البرلماني سيثير الجدل خاصة وان تفويضا سابقا منح لرئيس الحكومة شكل نقطة خلاف تحت قبة البرلمان.  

يحتاج قانون المالية التعديلي لسنة 2020 ، الى اكثر من مجرد توافق بين الكتل النيابية للمصادقة عليه ، بل الى تصور اصلاحى للعلاقة بين صناع القرار السياسي والمالي، بما يجنب تونس، هزات مالية واجتماعية تحدث بين الفينة والاخرى.

  

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة