الٱن

23/07/2019

رئيس بلدية جرجيس يسلّط الضوء على ملف المهاجرين السرّيين ويدعو الى عدم العبث به

كشف رئيس بلدية جرجيس مكي لعريض خلال ندوة صحفية عقدها اليوم عن مظلمة تعرّضت لها البلدية في التعاطي مع ملفّ المهاجرين السرّيين وما رافقه من أزمة تعمّقت في الفترة الاخيرة بلفظ البحر لعدة جثث تجندت البلدية بإمكانياتها البشرية واللوجستية المتاحة بالتعاون مع الحماية المدنية والحرس البحري مهمة انتشالها ونقلها الى قابس للتشريح ثم إعادتها الى جرجيس أين تم قبرها بالطريقة التي احترمت فيها الذات البشرية دون اعتماد مقبرة جماعية مثلما روّجت له منظمات ووسائل التواصل الاجتماعي واعتمدته بعض وسائل الإعلام حسب قوله.

وقدّم لعريض توضيحات دقيقة حول ما أسماها بالمأساة الانسانية التي جدت بسواحل جرجيس عندما لفظ البحر 61 جثة لضحايا غرق مركب مهاجرين أفارقة سرّيين والذي كان على متنه 86 مهاجرا فكانت بداية انتشال الجثث يوم 4 جويلية لتصل ذروتها يوم 11 جويلية بانتشال 45 جثة على طول الشريط الساحلي بجرجيس، مشيرا الى نقل هذه الجثث الى قابس وباذن من النيابة العمومية تم إرجاع أوّل مجموعة منها تضمّ 18 جثة للدفن دون إعلام مسبق للبلدية رغم عدم توفر مقبرة تستوعب ذلك العدد من الجثث مما جعلها تعتمد في دفنها جثة بجانب الجثة في اتجاه واحد من الشرق الى الغرب وعلى 4 صفوف متوازية مع ترك مسافة بين الجثة والأخرى ثمّ وضع علامة مميزة لكل جثة على مستوى الرأس.

وأنهت بلدية جرجيس مهمة دفن 74 جثة للمهاجرين في مقبرة أخرى بصدد اعدادها من قبل الهلال الأحمر التونسي وذلك بمشاركة 23 عاملا من البلدية وفق لعريض الذي أشار الى ان جرجيس تعودت منذ 1998 التعاطي مع هذه الظاهرة غير أن إتلاف الارشيف حال دون التعرّف على حجم العدد الهائل من الجثث التي دفنت في جرجيس.

وشدّد رئيس المجلس البلدي لجرجيس على أن التعاطي مع أزمة المهاجرين السريين الأموات لم تكن بالمهمة السهلة التي أنجزتها البلدية على حساب عملها اليومي ومجالات عمل كبيرة في عهدتها مغلّبة في ذلك الواجب الإنساني تغلّب غير ان مجهودها لم يقابله اعتراف او رد اعتبار لأعوان تكبّدوا مشاق هذه المهمة منذ سنوات ممّا جعلهم يحبطون وكثير منهم من يواصل العلاج النفسي بسبب حالة الانهيار سواء لفظاعة المشاهد او للإحساس بالغبن والظلم وفق قوله، مؤكّدا ان البلدية لن تتخلّى عن هذا الواجب الإنساني رغم كل الظلم وستواصل التعاطي مع ملف الموتى من المهاجرين بما تحمله من امكانيات ذاتية دون كلل او ملل خاصة وان الظاهرة ستتفاقم وفق حركة المياه داخل البحر المتوسط حسب قوله.

ومثل من جهة اخرى ملف المهاجرين غير النظاميين الأحياء المقيمين بجرجيس مسألة سلّط عليها رئيس البلدية الضوء في هذه الندوة الصحفية لاحتضان المدينة حاليا وفق معطيات عن الهلال الأحمر التونسي والمنظمات ذات العلاقة من المنظمة الدولية للهجرة أو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين 433 مهاجرا ولاجئا وطالب لجوء غير أن العدد في الواقع يتجاوز بكثير حسب رأيه كاشفا عن تقصير هذه المنظمات المناطة بعهدتها هذه المسؤولية سواء من حيث التأطير أو توفير فضاءات وظيفية لإيوائهم.

وأمام تعدّد المتدخلين والمنظمات المعنية بالمهاجرين الأحياء فان التساؤل يطرح حول المسؤولية تجاه المهاجرين الأموات بحسب رئيس البلدية الذي ذكر ان البلدية لم تتلق أيّ دعم من أية جهة او منظمة دولية وأممية في التعاطي مع مثل هذا الملف منذ انطلاقه ورغم تفاقم الظاهرة لسنوات طويلة فانه لم توضع أية امكانيات مادية أو لوجستية على الذمة سواء زوارق لنقل الموتى او سيارات مبرّدة لنقل الجثث رغم ما يروج من ضخ أموال خيالية طيلة سنوات، وفق تصريحه.

وقال لعريض ان ملف المهاجرين استغلته عدة أطراف ووظفته لمصالحها طيلة سنوات ونسجت أكاذيب غيّبت من كابد المسؤولية بمفرده لذلك فإن البلدية ستتجه نحو القضاء لكشف حقيقة هذا الملف ومن تلاعب به ولردّ الاعتبار لمن ظلم.

ودعا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤوليته في الحد من هذا النزيف البشري ومجابهة هذه الظاهرة بالمعالجة الاقتصادية والاجتماعية الصحيحة وتحمل المنظمات مسؤولياتها في تأطير المهاجرين واللاجئين وتخصيص فضاءات تستجيب للمواصفات الصحية والاجتماعية وتوفير مستوى عيش يحفظ كرامتهم ولا يجعلهم عرضة للتشغيل الهشّ.

ودعا أيضا رئيس البلدية إلى أن تتحمّل كافة البلديات الساحلية المسؤولية المباشرة في التعامل مع ظاهرة جثث المهاجرين حتى لا تبقى المسؤولية ملقاة على عاتق جرجيس بمفردها مطالبا باحداث قسم للطب الشرعي بالمستشفى الجهوي بجرجيس وتوفير وسائل نقل مبردة لنقل الجثث وفرق عمل مختصة ومتحولة في التعامل مع الجثث ورصد اعتمادات لتكوين العملة للغرض.

الاكثر قراءة