13/10/2019

تقديرات مؤسسات سبر الآراء : قيس سعيد رئيسا للجمهورية بعد فوز ساحق في الدور الثاني

كشفت تقديرات أولية نشرتها مساء اليوم الأحد عدد من مؤسسات سبر الآراء عن فوز ساحق لأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها على منافسه رجل الأعمال والاتصال نبيل القروي.

وأظهرت نتائج سبر الآراء عند الخروج من مكاتب الاقتراع (بعد حوالي ساعتين)، نشرتها مؤسسة "سيغما كونساي" حصول المترشح المستقل قيس سعيد (61 عاما) على ما يناهز 77 بالمائة من أصوات الناخبين، في حين اكتفى منافسه رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي (56 عاما) بحوالي 23 بالمائة من الأصوات.

كما كشفت نتائج مؤسسة "إيمرود كونسيلتينغ"، عن حصول سعيد على 72 بالمائة من الأصوات، في حين تحصل القروي على حوالي 27 بالمائة من الأصوات.

وتوجه اليوم الأحد، وفق إحصائيات غير مكتملة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قرابة 58 بالمائة من الناخبين إلى مكاتب الاقتراع وذلك من بين 7 ملايين و74 الفا و566 مسجلين، وهو ما يفوق نسبة المشاركة في الدور الأول للانتخابات الرئاسية التي بلغت 45 بالمائة .

وكان سعيد، الوافد الجديد على المشهد السياسي، فاز بالمرتبة الأولى في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، بعد أن حصل 18.4 من أصوات الناخبين في حين فاز القروي بالمرتبة الثانية بــ 15.58، متقدمين على 24 مترشحا آخرين من بينهم رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد (حزب تحيا تونس) ورئيس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح مورو (حركة النهضة) ووزير الدفاع الحالي عبد الكريم الزبيدي (مستقل مدعوم خصوصا من حزبي نداء تونس وافاق تونس).

واللافت في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية أن الحملة الانتخابية لكلا المترشحين كانت "صامتة" إلى حدود الثماني وأربعين ساعة الأخيرة قبل الدخول في فترة الصمت الانتخابي، بالنظر إلى "غياب" المترشحين وعدم ظهورهما للرأي العام والاتصال بمناصريهما، حيث كان نبيل القروي موقوفا على ذمة القضاء منذ 23 أوت 2019 في قضايا تتعلق "بتبييض الأموال والتهرب الضريبي"، في حين خير قيس سعيد عدم القيام بحملة انتخابية "حتى لا يقال إنه استغل وضع منافسه لفائدته"، وفق تعبيره.

وشارك المترشحان سعيد والقروي ليلة الجمعة الماضية في مناظرة تلفزيونية نظمتها مؤسسة التلفزة التونسية (عمومية) بالتعاون مع جهات أخرى وبثتها أيضا قنوات تلفزيونية خاصة، حيث استقطبت أكثر من 6 ملايين مشاهد من تونس، بحسب بعض الاحصائيات.

وحظي سعيد في الدور الثاني للرئاسية بدعم أحزاب وقوى من عائلات سياسية مختلفة فائزة في الانتخابات التشريعية، التي جرت يوم 6 أكتوبر الحالي، من بينها حزب حركة النهضة (إسلامي)، الفائز بـ52 مقعدا وحزب التيار الديمقراطي (22 مقعدا) وائتلاف الكرامة "المحافظ" (21 مقعدا) وحركة الشعب (قومي) الفائز بـ16 مقعدا، إلى جانب أحزاب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد" (يسار) و"الاتحاد الشعبي الجمهوري" و"الجمهوري" و"حراك تونس الإرادة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل".

قيس سعيد، الذي اختار عبارة "الشعب يريد" شعارا لحملته الانتخابية، وهو شعار برز إبان أحداث الثورة التونسية سنة 2011، ما فتئ يؤكد على أنه مستقل عن كل الأحزاب وسيظل كذلك حتى بعد انتخابه. وقال في ذات الاتجاه إنه يرى أن عهد الأحزاب قد "أفلس وولى"، وأن السلطة "ستكون بيد الشعب الذي يقرر مصيره ويسطر خياراته"، وسمى هذا التوجه بـ"الانتقال الثوري الجديد".

وأكد توجهه المعلن حين صرح بأنه سيقدم تعديلات في الدستور "ليكون البناء قاعديا"، وقال إنه اختار عبارة "الشعب يريد" شعارا لحملته الانتخابية، لتلخص تمسكه بأهداف الثورة التي قامت أساسا ضد منظومة حكم رزحت تحتها تونس منذ الاستقلال.

لم يخف قيس سعيد خلفيته الفكرية "المحافظة"، من خلال مواقفه العلنية من مسائل أثيرت في تونس، ووصفت بأنها تمس المنوال المجتمعي، على غرار موقفه من المساواة في الميراث، إذ اعتبر أن الفكرة هي عبارة عن املاءات خارجية، وأن النص القرآني لا يقبل التأويل.وقال دفاعا عن موقفه وتقاطع أفكاره "الدينية" مع حركة النهضة : "القضايا المطروحة بالنسبة للتونسيين لا تتعلق بالإسلام السياسي، بل بقضايا اجتماعية واقتصادية، لست وصيا على أي كان، والإسلام السياسي من المفاهيم التي تم وضعها من الخارج ... الله لم يتوجه إلى الإسلاميين في القرآن .. توجه إلى المؤمنين وإلى المسلمين، وملك الوحي جبرائيل عليه السلام نزل على الرسول الأعظم بالوحي لأول مرة في غار حراء، وليس في مونبليزير"، في إشارة شارع في العاصمة يضم المقر الرئيسي لحركة النهضة.

ولئن اعترف سعيد بأنه لم يكن ثوريا ومعارضا لنظام بن علي بالمعنى المتعارف عليه، إلا أنه أكد أنه رفض الكثير من المناصب انذاك، قائلا في أحد حواراته الصحفية " قلت لا، يوم كان البعض ممن يظهرون اليوم في وسائل الإعلام يتمنون الاقتراب من دائرة القرار".

   استطاع استاذ القانون الدستوري قيس سعيد، أن يحصد إعجاب عدد كبير من الشباب الذين أنشأوا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لمساندته في الانتخابات، منبهرين بــ"زاده العلمي"، وبما يتميز به من "طلاقة لسان ونظافة يد وتعاطف مع هموم الشعب".

ولئن حقق سعيد اختراقا ونجاحا كبيرين بفوزه بمنصب رئيس الجمهورية وهو ما مثل مفاجأة سياسية وصفها عديد الملاحظين بـ"الزلزال"، الذي قلب معادلات المشهد السياسي في تونس، إلا أن قوى سياسية ولاسيما بعض منافسيه انتقدوا أفكاره وتوجهاته بشدة واعتبروها أحد تمظهرات خطاب "الشعبوية"، الذي طبع حديثا المشهد السياسي في تونس وفي العالم، إذ أنه (سعيد) ما فتئ يؤكد على أنه خير أن يتوجه إلى الشعب مباشرة، وليس لديه مدير مالي أو مدير حملة انتخابية أو مكتب إعلامي وغيره من الأدوات المتوفرة لمنافسيه.

قيس سعيد رد على منتقديه بأنهم "لم يفهموا شباب الثورة .. وأن البناء يجب أن ينطلق من المحلي فالجهوي فالوطني ليكون فعلا معبرا عن الإرادة الحقيقية للشعب".

ولد قيس سعيد المترشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في 22 فيفري 1958 بتونس.

وهو متحصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وعلى ديبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري وعلى ديبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني بسان ريمو بايطاليا.

بدأ حياته المهنية كمدرس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة سنة 1986 ثم انتقل للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس سنة 1999 كما شغل خطة مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة من سنة 1994 إلى سنة 1999.

اضطلع قيس سعيد بخطط مقرر اللجنتين الخاصتين لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لإعداد مشروع تعديل ميثاق الجامعة ولإعداد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية سنتي 1989 و1990 وخبير متعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان من سنة 1993 إلى سنة 1995.

وشغل سعيد خطة كاتب عام ثم نائب رئيس الجمعية التونسية للقانون الدستوري في الفترة الممتدة من سنة 1990 إلى سنة 1995.

وهو عضو بالمجلس العلمي ومجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري منذ سنة 1997 وكذلك رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية.

وله عديد الأعمال العلمية في مجالات القانون والقانون الدستوري خاصة.

وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء.

الاكثر قراءة