10/03/2019

الدورة الثانية لملتقى تونس للرواية العربية: لقاء مع الروائي الكبير "الياس خوري"

ضمن فعاليات الدورة الثانية لملتقى تونس للرواية العربية انتظم لقاء مع الروائي اللبناني الكبير "الياس خوري" ضيف شرف الملتقى في يومه الأخير السبت 09 مارس 2019 بمسرح المبدعين الشبان

حضر اللقاء عدد كبير من الروائيين ومن محبي الرواية الذين جاؤوا وأنصتوا باهتمام شديد لمداخلة "الياس خوري" التي كانت أشبه بشهادة على عصر انهار فيه كل شيء حتى بلغ رواده –وخوري أحدهم- مرحلة ما بعد اليأس التي تمنع عنهم التفاؤل أو انتظار شيء ما سيحدث أو توقع الأفضل

في مداخلته، مر الياس خوري على مراحل متعددة في لبنان وربط بين نشوء الرواية اللبنانية باندلاع الحرب الأهلية اللبنانية وانهيار المحرمات، وقال "عندما انفجرت الحرب في لبنان، تساءلت: كيف قرأ أجدادي حربهم السابقة على حربنا؟ أجدادي من رواد عصر النهضة قرؤوا الحرب عبر محوها خجلا من أنفسهم ربما. لذلك كانت الحرب الأهلية المعاصرة، حرب 75 كأنها انتقام من هذا النسيان" وقال إن جيل الروائيين الذين ينتمي إليه كان واعيا بضرورة كتابة الحاضر وتسمية الأشياء بأسمائها.

وربط "الياس خوري" الأحداث السياسية التي عاشتها المنطقة العربية بولادة النص الروائي مع تشكل وعي نقدي للتجربة الناصرية وهزيمة 67، مشيرا إلى أن الرواية اللبنانية ولدت من رحم هذا النقد كما سمحت الحرب الأهلية في الغوص في ثنايا الأسئلة الكبرى التي تطيح بالمسلمات وتتحرر من الإيديولوجيات السائدة. لكن هذه الحرب التي انتهت نظريا في 1991، استمرت بأشكال مختلفة مع تدمير بيروت القديمة، وتجدد الانقسامات بعد طرد إسرائيل وإنهاء الوصاية السورية على لبنان وقال "الياس خوري": "يعيش لبنان اليوم حربا أهلية دائمة ينعم فيه اللبنانيون بسلام اللصوص وسط عالم عربي يحترق"، فكابوس الثورة المضادة على حد تعبيره تحاول إعادة تأسيس الاستبداد ووأد حلم التغيير. وبسلاسة وذكاء وعمق ربط "خوري" بين قصة "خليل حاوي" الذي أصدر ديوانه الأول "رماد حاوي" وكان أول الخائبين إذ لم ينتظر النكسة ليكتشف خواء الانبعاث. أطلق "حاوي" النار على صدره سنة 1982 بعد يومين فقط من بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان، فتناثر رماده في سيدي بوزيد عندما أحرق "محمد البوعزيزي" نفسه أمام مقر الولاية ليطلق رماد موته الثورة في تونس ومنها الثورات العربية

ويرى "الياس خوري" أننا اليوم نعيش الرعب العبثي مع انهيار ثلاثي الأبعاد: انهيار خطاب السلطة الاستبدادية الذي تحول إلى خطاب قمعي، انهيار خطاب المعارضة اليسارية الذي تشظّى، وتراجع الخطاب الإسلامي. وقال "إننا اليوم نعيش مرحلة ما بعد اليأس"

شهادة مؤثرة وعميقة من روائي كبير تشكل وعيه السياسي مبكرا فجاءت قراءته عميقة لكل ما يحدث في الوطن العربي وتأثيره على الحركة الروائية العربية.

الاكثر قراءة