03/12/2018

الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تتويجا لمسار طويل

تمّيز أواخر القرن العشرين بصدور الاتّفاقية الدولية لحقوق الطفل بتاريخ 20 نوفمبر 1989 التي شكلت القاعدة الدوليّة و المنظومة  التشريعية الخاصّة بقطاع الطفولة وكانت تتويجا لخطوات تشريعية سابقة موزعة زمنيّا ووضعت قواعد ذات طابع دولي وشمولي وعالجت الثغرات والنقائص التي حالت دون تمتع الطفل بحقوقه وبالحماية المناسبةبصورة شاملة .فما هي المراحل التي عرفتها المنظومة التشريعية الدولية  الخاصة بقطاع الطفولة ؟وماهي ميزات الاتفاقية الدولية لحقوق وما تبعها من مواثيق دولية؟ و ما مدى تأثير الاتفاقيّة على واقع الأطفال في العالم ؟

شكّل إعلان جينيف الصادر سنة 1924 اللبنة الاولى للقواعد الدولية لحقوق الطفل وكان الاعلان تتويجا لمبادرة منظمة اغاثة الطفولة لحماية الاطفال و توجه الى ضمائر الافراد والمجتمع ولم يكن ملزما للدول ولم تترتب عليه اية موجبات آو مسؤوليات وتضمن الإعلان مبادئ أساسية إذ نص على التزام البشر بحماية الاطفال بدون تمييز وحق كل طفل بجملة من الحقوق والحماية. وقداستند الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن منظمة الامم المتحدة في 10/12/1948عن جملة المبادئ الواردة بإعلان جينيف وكرس الحقوق والقيم الاصيلة للإنسان وتناول بشكل مباشر او غير مباشر حقوق الطفل ولم يكتس الاعلان بدوره الصفة القانونية الملزمة. كما عني الميثاق الاجتماعي الاروبي الصادر في سنة1962 المتميز بصبغته الالزامية بحقوق الاطفال وحمايتهم من الاخطار المادية والادبية واشار الى حق الأسرة في الوقاية الاجتماعية  والصحية والاقتصادية. وقد عقب ذلك صدور الاعلان العالمي لحقوق الطفل في 20 /11/1959الذي استند إلى التشاريع السابقة والى المبادئ الاساسية لحماية حقوق الانسان واكدّ على حاجة الطفل الى الحماية والرعاية ووسّع نطاق الحماية لتبدا من اللحظة التي يتكون فيها في أحشاء أمه و وضع الاعلان ضوابط ومعايير الحماية و الرعاية الواجبتين وجعل الحماية خاصة و متميزة ومصلحة  الطفل الفيصل في تطبيق الحماية وجعلها اولوية .وقد تعرضّ العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16 ديسمبر 1966 والذي يتمتع بالإلزامية الى عدة حقوق متصلة بالطفل رغم انه لم يحدد مفهوم الطفل وسنه وتضمن الحقوق  الاساسية كالحماية دون تمييز والحق في للتعليم والصحة وتامين نمو الطفل نموا صحيحا وحماية الطفل الجانح وحق الطفل في التدابير الحمائية المناسبة تؤمنها  الدولة والعائلة والمجتمع.كما اصدر مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية خلال انعقاده في الاسبوع الاول من ديسمبر 1983 ميثاق حقوق الطفل العربي الذي تضمن ثلاثة أجزاء:المنطلقات الأساسية والحقوق الاساسية للطفل العربي و صون الحق وضبط المناهج وجاءالميثاق  في صياغة ادبية وكانت المواد عامة وفضفاضة واتسم الميثاق بالعمومية. وفي20/11/1989 تم اعتماد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ذات الطابع الالزامي التي تضمنت جميع المواد والنصوص الصادرة لصالح الطفل سابقا ورسمت مناهج العمل للطفولة. تضمنت الاتفاقية الحقوق والمبادئ المعلنة للطفل على والديه والمجتمع والدول والمنظمات الدولية وبيّنت الاتفاقية كيفية نشر مبادئ الاتفاقية وأحكامها وكيفية انشاء اللجنة الخاصة بحقوق الطفل ومهامها وكيفية وضع الدول الاطراف تقاريرها وطرق عمل اللجنة وكيفية الانضمام إليها وبدا نفاذها وتعديلها والتحفظات عليها والانسحاب منها .وعقب هذه الاتفاقية صدر في سبتمبر 1990 الاعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته وخطة العمل المنبثقة عنه وتوزعت فقرات الاعلان على ست فقرات ركزت الأولى على الأهداف وعونت الخمس الباقية على التوالي " التحدي" و"الفرصة" و"المهمة " و"الالتزام" و" الخطوات ".

وقد حرك الاعلان والخطة المجتمع الدولي لتحسين اوضاع الاطفال وعززت فرص تطبيق ما ورد بالاتفاقية .

نظريا مكنت المنظومة التشريعية الدولية الخاصة بالطفولة من ضمانات لتامين  حقوقهم ورعايتهم واتخاذ التدابير المناسبة لحماتهم من الاستغلال المادي والادبي ولكن رغم ارتفاع عدد الدول المبرمة على الاتفاقية الدولية لحقوق للطفل فان الانتهاكات لازالت قائمة في بعض الدول التي تعيش ظروف اقتصادية صعبة كما ان حقوق الطفل تنتهك خاصة خلال النزاعات الدولية وفي الحروب وفي الدول المحتلة وتكون ردود فعل الدول المتنفذة محتشمة وبالتالي يصبح حقوق الطفل مجرد شعارات يتشدق بها للتسويق الإعلامي.

نجاة الحمايدي

 اخصائي اجتماعي رئيس

 

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة