الٱن

17/08/2017

مسرحية "دراما: عائشة والشيطان": تصور جديد للواقع المأساوي ونقد صحفي بعيون المسرح

وجوه مسرحية كثيرة أضفت جمالا على المسرح الروماني بقرطاج ليلة الثلاثاء 15 أوت... وجوه مسرحية من مخرجين وتقنيين وكتاب نصوص وممثلين، ينتمون إلى مدارس مختلفة، ويمثلون أجيالا متعددة في المسرح التونسي جاؤوا لاكتشاف آخر أعمال المخرج والممثل "محمد كوكة" ودعمه: توفيق الجبالي وزينب فرحات، منى نور الدين ورؤوف بن عمر، محمد علي بن جمعة، كوثر الباردي، جلال الدين السعدي، محمد الجبالي، عبد العزيز المحرزي، خالد هويسة، محمد علي النهدي، عائشة عطية، نعيمة الجاني، الصادق حلواس، فيصل الحضيري، منال عبد القوي، لطيفة القفصي، زهير الرايس، لطفي بندقة، عاطف بن حسين، مدير أيام قرطاج المسرحية "حاتم دربال"  وغيرهم

وجوه كثيرة جدا كانت دافعا معنويا قويا للمخرج والممثل "محمد كوكة" ليعطي أجمل ما عنده في العرض الأول لمسرحية "دراما: عائشة والشيطان" رفقة مساعده "حافظ خليفة"، وعدد كبير من الممثلين من بينهم: فؤاد ليتيم، دليلة مفتاحي، أميمة المحرزي، وحيدة الدريدي، صلاح مصدق، كمال العلاوي، ليلى الشابي، سعيدة الحامي، محمد حسين قريع، وغيرهم

لا تسجل "دراما، عائشة والشيطان" عودة "محمد كوكة" إلى الإخراج فحسب، وإنما تعلن انتقال "محمد المنصف بن مراد" من الكتابة الصحفية إلى الكتابة المسرحية، وفي عملية الانتقال هذه ظل محملا بعبء أن يكون صحافيا ملما بالأحداث والمستجدات، يقرؤها بعين الناقد لكل شيء من حوله، وحتى لنفسه وصفته

في أكثر من ديكور، يتغير بتطور المسرحية من فصل إلى آخر، سلطان قاسي القلب يدير مملكته بالقتل والذبح وانتهاك النساء، يواجه حسناء متمنعة، تصده فتقوي فيه الرغبة في معاشرتها لإذلالها... لا أحد قبلها فعل ذلك... أمه تسانده، أم السلطان التي لا تقل عنه قسوة... مملكة تأكل الأخضر وتأتي على اليابس... تمتص المياه العذبة، وتشيع ثقافة الذبح والقتل باسم الدين... نحن أمام واقع سوداوي، هو العالم اليوم الذي يتحكم فيه الظلاميون باسم الدين وطمعا في الجنة وحور العين... نساء، جاريات في العراق وبلاد الشام، وصغيرات يعرضن للبيع في المزاد العلني والثمن بئر نفط وحفنة دولارات... أم تلاحق ابنها "علي" تريد أن تعيده قبل أن يعبر خط النار من إنسان سوي، إلى مصاص دم تحت عنوان كبير "الجهاد في سبيل الله"، ويرفع سلاحه في وجه الكل، تخرج الطلقة من سلاحه ليردي والدته قتيلة في مشهد استثنائي للممثلة الكبيرة وحيدة الدريدي... نحن في عالم بلا قيم، بلا أخلاق، يبارك قتل الابن لأمه باسم الجهاد في سبيل الله

كان يمكن أن تنتهي المسرحية هنا، ولكن "محمد كوكة" مع "محمد المنصف بن مراد" أرادا أن يبعثا شيئا من الأمل بإنهاء المملكة بالكوليرا، لا تنجو سوى "عائشة" التي تعترف أنها شجرة جاءت إلى القصر متخفية في رداء عائشة بحثا عن شقيقتها "دراما"

"شجرة الدر" الجارية التي تزوجت سلطان مصر "الصالح أيوب" (1420) وحكمت مصر بعد وفاته وقبل زواجها الثاني، تشبه "شجرة الدر" في المسرحية، ذكية، وفي صراع الخير والشر وهو الخط الأساسي في المسرحية ينتصر الخير بفضل ذكاء عائشة أو شجرة الدر وفطنتها

لغة المسرحية هي العربية البسيطة سهلة الفهم مع بعض المفردات من الدارجة التونسية خففت من قتامة الموضوع وقسوته، وجماليا تبدو المسرحية كلاسيكية ومتجددة في الوقت نفسه بفضل قوة السينغرافيا التي كانت عنصرا أساسيا في العرض من خلال لعبة الإضاءة والنيران التي أكلت الركح كما التهمت الأخضر في العالم من حولنا

أما الشخصيات فهي فانتازية، بلباسها االتاريخي التي لا تحدد زمنا معينا وجدت فيه وبقوة المكياج ولكن الشخصيات الفانتازية هي أيضا ابنة هذا العصر الذي يعيش أحداثا درامية يومية

الاكثر قراءة