الٱن

14/06/2025

في حب الكلمات والبلاد: تتويج الراحل أولاد حمد بجائزة درويش

في أجواء طغت عليها مشاعر التأثر والاعتزاز، تم مساء أمس الجمعة تنظيم حفل مميز لتكريم الشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد، ومنحه «جائزة محمود درويش للشعر والآداب والفنون» في دورتها الأولى، وذلك اعترافا بإسهاماته الشعرية ومسيرته الإبداعية والإنسانية.

وقد أقيمت هذه المبادرة الثقافية بتنظيم من كرسي «ابن خلدون للثقافة والتراث» التابع لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، بالشراكة مع مركز الفنون والثقافة والآداب بقصر السعيد وكلية الآداب بمنوبة.

وتم تسليم هذه الجائزة إلى أرملة الشاعر في حفل احتضنته مكتبة "الكتاب" بموتيال فيل، بحضور نخبة من المثقفين التونسيين والفلسطينيين، من بينهم الشاعران منصف المزغنّي وطلال حماد.

وأحيت الحفل فقرات موسيقية قدّمتها الفنانة عايدة نياطي، تضمّنت أغان ملتزمة وأخرى من التراث الفلسطيني، في تناغم مع الروح الشعرية المقاومة التي جمعت بين أولاد أحمد ومحمود درويش.

وأكدت المؤرخة لطيفة الأخضر، وهي من أعضاء لجنة التحكيم، أن الجائزة تجسد إحدى وصايا محمود درويش في أن يظل الشعر جسرا بين الشعوب، وأن يعبر عن آمالها وأحلامها. وأضافت أن أولاد أحمد لم يكن مجرد شاعر تونسي، بل كان صوتا إنسانيا عربيا جسد الجمال والموقف والحرية، وقدم شعرا يحمل بصمة وطنية عميقة، مشبعة بالكرامة والوفاء لتونس.

أما الكاتب والإعلامي محمد المي، الذي أدار الحفل، فقد وصف أولاد أحمد بأنه شاعر كتب بالدم والعرق والحلم، مشيرا إلى أن شعره، كما شعر درويش، هو صرخة ضد القبح والظلم، ومنارة للقيم الإنسانية الكبرى، كالحرية والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

وقد استحضر خلال التكريم، قصيدته الشهيرة «نحب البلاد»، التي كتبها في ديوانه الأول «أناشيد الأيام الستة» (1988)، والتي جاء فيها:

«نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد… صباحًا، مساءً، وقبل الصباح، وبعد المساء، ويوم الأحد… وإن يذبحونا كما ذُبحنا… وإن ينفونا كما نُفينا…»

كما تم في الحفل الحديث عن العلاقة الخاصة التي جمعت بين درويش وأولاد أحمد، حيث تحدث الصحفي الفلسطيني طاهر الشيخ، مدير مكتب وكالة الانباء الفلسطينية "وفا" في تونس، عن الصداقة القوية التي ربطتهما، مشيرا إلى أن درويش كان يعتبر تونس ملهمته، حيث أقام في "سيدي بوسعيد" بين 1982 و1993، خلال فترة وجود الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في البلاد، وقال في إحدى قصائده الشهيرة:

«كيف نُشفى من حب تونس؟… تونس التي تسقي أرواحنا…»

وفي ختام الحفل، تم افتتاح معرض وثائقي بعنوان "خرائط تاريخية لفلسطين"، ضم نسخا نادرة تبرز التحولات الجغرافية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية على مر العصور، في تأكيد على أن الصراع هناك ليس فقط سياسيا، بل صراع على الأرض والهوية.

الشاعران درويش وأولاد أحمد، رغم رحيلهما الجسدي، ما زالا حاضرين بقوة في الذاكرة الجمعية، في اللغة، والوجدان، وفي نبض المقاومة الجمالية والثقافية… شعرهما لا يزال يحمل الرسالة، ويوحد القلوب من فلسطين الى تونس وما وراء الحدود.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة