05/05/2024

زراعة الفراولة تواصل توسعها في باجة وتطرح نفسها كبديل زراعي رغم عديد الصعوبات

وكالة تونس إفريقيا للانباء

على بعد حوالي 30 كيلومترا من مدينة باجة (شمال غرب تونس) وعلى طول الطرقات الرابطة بين مدينتي نفزة ووشتاتة بولاية باجة وحتى حدود طبرقة بولاية جندوبة تنتشر ثمار الفراولة أو ما يعرف بتوت الارض بلونها الاحمر الجذاب في الاسواق وعلى الطرقات وفي المزارع، لتعلن المنطقة نفسها موطن انتاج لهذا النوع من الغلال المتوفّر طوال فصلي الربيع والصيف باعتبار امتداد فترة إنتاح الفراولة بباجة من شهر مارس الى شهر جويلية

مع بداية موسم إنتاج الفراولة لسنة 2024، أعلنت المصالح الفلاحية بباجة عن توسع المساحات المزروعة من هذا النوع من الغلال من عائلة الورديات بنسبة 30 بالمائة وخاصة في وشتاتة التي تؤمن 90 بالمائة من انتاج الفراولة بالجهة، وعن انطلاق تجربة لزراعتها بباجة الجنوبية.

وأكد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بباجة، بدر الظاهري، لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن مساحات الفراولة بلغت 40 هكتارا يقدر انتاجها بـ1200 طنّ من 6 اصناف للفراولة وخاصة لصنف "كميوزا"، وهي مساحات قابلة للزيادة، وقد تصل الى اكثر من 50 هكتارا، على حدّ قوله. 

قطاع مربح رغم ارتفاع تكلفة الانتاج

يتزايد سنويا الاقبال على قطاع الفراولة، حيث بلغ عدد المنتجين خلال الموسم الفلاحي 2023-2024 الى 45 فلاحا، وذلك رغم ارتفاع تكلفة الانتاج، حيث يشير المندوب الجهوي للفلاحة إلى أن تكلفة زراعة الفراولة بالهكتار الواحد تتراوح بين 50 و90 الف دينار باعتبار أنّ الهكتار الواحد يستوعب بين 50 و70 ألف شتلة، يتجاوز ثمن الواحدة منها 1300 مليم، اضافة الى التكاليف الباهضة للأدوية المطلوبة للعناية بالنبتة وتكلفة الاسمدة واليد العاملة.

ويؤكد ممثل مجمع التنمية الفلاحية بنفزة ورئيس جمعية مريم للتنمية والثقافة، شريف الدلاعي، لوكالة تونس افريقيا للانباء، أن تقليد زراعة الفراولة يزداد انتشارا بوشتاتة فى السنوات الاخيرة رغم التغيرات المناخية ورغم غلاء أسعار المشاتل ونقص المياه، حيث طوّر الفلاحون طرق الانتاج والري قطرة قطرة وغيرها، ليصبح القطاع مورد رزق للفلاحين والعمال بتشغيله لليد العاملة بالمئات طيلة موسم الانتاج من اواخر مارس الى غاية آخر شهر جويلية.

ويضيف قوله إن الفراولة موجودة بالمنطقة منذ بداية القرن الماضي لكن انتاجها توقف متأثرا بعدة عوامل، ليعود بقوة في السنوات الاخيرة نتيجة لتوفر العوامل الملائمة لانتاجها بوشتاتة على غرار تربتها الرملية ومياهها العذبة التي تجعل للفراولة مذاقا حلوا ولذيذا اضافة الى زيادة اقبال التونسي على استهلاك هذا النوع من الغلال.

بدوره، يؤكد منتج الفراولة عبد الحميد الدلاعي، لصحفية "وات" أن زراعة الفراولة في وشتاتة بيولوجية باعتبار أن العوامل المناخية بالمنطقة ملائمة لزراعتها، إضافة الى معرفة سكان وشتاتة بطرق زراعة هذه الثمار وسبل العناية بها لتحقيق مردودية اقتصادية جيدة منها حيث تصل المرابيح بالهكتار الواحد الى ضعف ما يتم إنفاقه، وفق تأكيده.

صعوبات توفير الماء رغم قرب سد سيدي البراق

ورغم تعدّد مزايا زراعة هذه الثمار، يشتكي عبد الحميد الدلاعي، شأنه شأن أغلب منتجي الفراولة، من نقص الماء، سيما وأنّ فترة الانتاج تمتد الى موسم الصيف والذي تتجاوز فيه درجات الحرارة غالبا الـ 40 درجة، لتصبح الابار ونقاط المياه بالمزارع غير كافية للري، ويصبح نقص المياه تهديدا حقيقيا للمنتجين الذين يطالبون بحصة كافية من مياه سد سيدى البراق الذي يعد من اكبر السدود التونسية ويقع على وادي الزوارع شمال غربي مدينة نفزة وشمال مدينة وشتاتة بنفزة وتقدر طاقة استيعابه بـ 286 مليون متر مكعب ويوجه جزء كبير من مياهه لتونس العاصمة والوطن القبلي وصفاقس.

وفي هذا الصدد، قالت زكية الدلاعي (فلاحة تعمل بقطاع الفراولة منذ 30 سنة)، إنّها عمدت هذه السنة إلى زراعة جزء من أرض عائلتها (10 هكتارات)، وذلك بسبب محدودية طاقة البئر في أرضها واعتبارا لعدم توفر الماء، داعية الى مساندة فلاحين المنطقة وتمكينهم من العمل، خاصة بعد تضرّر عدد من المزارع نتيجة حريق شب بالمنطقة خلال السنة المنقضية.

ويوضح مدير مجمع التنمية الفلاحية بوشتاتة، محمد على الدلاعي، أن توفر الماء يمثّل شرطا اساسي لزراعة الفراولة التي يتواصل انتاجها حتى منتصف فصل الصيف وتتطلب كميات هامة من المياه، مشيرا إلى أن قرب سد سيدي البراق من وشتاتة كان عنصرا محدّدا في تشجيع فلاحي المنطقة على زراعة الفراولة .

وهو ما أكّده مجيد الدلاعي (منتج للفراولة) الذي ذكر أن الأهالي ضحوا بأراضيهم من أجل إنجاز سد سيدي البراق غير البعيد عن وشتاتة على أمل أن يدعم فلاحتهم، مبيّنا ان المنتجين بوشتاتة يعيشون هاجس نقص المياه ويشعرون بالخطر، فعدم ري الفراولة لمدة 3 ايام فقط من شأنه أن يضيع الصابة ويؤثر على وزن حبات الفراولة ونوعيتها .

وتؤيّد وسيلة الحسناوب (فلاحة بوشتاتة) ما سبق مؤكدة أن نقص الامطار والتغيرات المناخية أثّر على زراعة الفراولة ولا تخفي خشيتها من ركود زراعة الفراولة بعد ان انتعشت بالمنطقة في السنوات الاخيرة.

من جهة أخرى، يشكو القطاع إلى جانب اشكاليات نقص المياه، من تخفيض حصص المزارعين ومنع الزراعات السقوية جراء التغيرات المناخية والجفاف المسجل طوال 4 مواسم متتالية والذي أدّى الى انخفاض حاد فى مخزونات السدود التونسية وصل في 26 افريل 2024 الى 35 بالمائة من طاقة استيعاب السدود والتي تعتبر من أضعف النسب المسجلة في المواسم الاخيرة .

بدوره، تأثر سدّ سيدى البراق الذى تروي مياهه مساحات الفراولة بوشتاتة من الجفاف وعرف نقصا حادا في مخزونه مع تحسن خلال سنة 2024 مقارنة بالموسم الاربعة السابقة، حيث بلغت نسبة امتلائه حتى شهر افريل المنقضي 47 بالمائة بمخزون يفوق 133 مليون متر مكعب.

وتبعا لنقص مخزون السدود أصدرت المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بباجة شأنها شأن عدة مندوبيات بالجمهورية التونسية بلاغات دعت فيها الفلاحين إلى عدم تعاطي أي نوع من أنواع الزراعات السقوية بالمناطق السقوية جراء انحباس الامطار وعدم توفر مياه بالسدود للري .

ويأمل المزارع رضا الدلاعي أن يكون للفراولة بوشتاتة ولمنتوجات أخرى ذات مردودية اقتصادية كبيرة وقيمة غذائية عالية، حصة دائمة من مياه سد سيدي البراق بنفزة الذي يعد من اكبر السدود التونسية ودفع إنشاؤه منذ سنة 2000 بالاهالي إلى الاتجاه اكثر الى تقاليد الزراعات المروية، بما أهّل ولاية باجة أن تصبح مدرجة ضمن مناطق إنتاج الفراولة شأنها شأن ولاية نابل التي تحتل المرتبة الاولى فى انتاج هذه الثمار وطنيا وولايات جندوبة (خاصة طبرقة) وبنزرت وزغوان وبن عروس وسوسة.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة