الٱن

22/09/2019

تونس لسيت ببعيد عن يوم سيشهد نضوب المياه العذبة على امتداد 17 بلدا اذا لم تتحرك عاجلا لحماية ذهبها الازرق

يترقب أناس كثيرون يعيشون على امتداد 17 بلدا عبر العالم ، وفق تقرير لمعهد الموارد العالمية ، ذلك اليوم المروع الذي ستحين فيه ساعة الصفر معلنه نضوب موارد المياه العذبة تماما لكن تونس وان كانت خارج القائمة إلا انها ليست عنها ببعيد.  

ويشير التقرير الذي نشر مؤخرا، الى ان تونس ليست في مأمن من ذلك اليوم خاصة وانها تتموقع في المرتبة 30 من اجمالي 164 بلدا قيمها التقرير وتوجد ضمن خانة الدول التي تعاني من خطر التعرض الى شح مائي "مرتفع ".  

ويقول مدير وحدة التخطيط الاستراتيجي بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري رفيق عيني " نتحدث عن بلد في وضعية "الشح المائي" عندما يتجاوز الطلب على امدادات المياه الموارد المتوفرة.    

ويضيف في تصريح لـوكالة تونس إفريقيا للأنباء " تونس توجد، من خلال معدل استهلاك سنوي للمياه عند 410 متر مكعب للفرد الواحد، تحت سقف 500 متر مكعب الذي يؤشر " للشح المائي" وفق التقارير العالمية.    

   * موارد مائية في مهب التغيرات

تصبح وضعية قطاع المياه في تونس باعثة للانشغال أكثر، تحت وطأة التغيرات المناخية ، اذ تشير بيانات وزارة الفلاحة الى ان تراجع مواد المياه (الجوفية والسطحية) بنسبة 28 بالمائة بحلول سنة 2030.  

وتشير التوقعات المناخية الوطنية ، التي تم انجازها سنة 2007 ، الى ان ارتفاع سنوي للحرارة ب1،1 درجة بحلول 2030 و 2،1 درجة بحلول سنة 2050 مع فرضية ارتفاع الوتيرة مع السنوات الجافة.  

ويؤدي ارتفاع الحرارة الي تقلص المياه السطحية بنسبة 5 بالمائة سنويا في افق 2030 بفعل تسارع عملية التبخر مما سيفضى الى مزيد الطلب على المياه المستخدمة في الري.  

اما التوقعات المتعلقة بالتساقطات فانها تفترض تراجعا بنسبة 5 الى 10 بالمائة في افق 2020 و من 10 الى 29 بالمائة في افق 2050 مما سيسهم أكثر في مزيد نقص المياه في التربة.  

ويعرف ارتفاع مستوى البحر، في تونس ، من جهة أخرى، تسارعا مما سيؤدي الى تسرب المياه المالحة الى المائدة المائية الساحلية مما ستقلص المياه العذبة المتوفرة ويزيد الطلب.

وتدفع هذه الوضعية التي تبعث على الانشغال الى التدخل بشكل عاجل من خلال الحد من تأثير تغير المناخ وفق الخبيرة في الموارد المائية والتغيرات المناخية ورضة قفراج.  

وتقول قفراج " بات من الحتمي اليوم مراجعة مجلة المياه التي يتم الإشتغال على تنقيحها منذ زهاء 10 سنوات فهذا النص القانوني الذي يعد نسخة معدلة من المجلة الصادرة سنة 1975، لا يستجيب الى الوقائع الحالية لدرجة انه لا يدرج بشكل كاف التصرف في التغيرات المناخية على غرار الجفاف و الفيضانات".  

   * آليات التصرف في المياه تحتاج الى مراجعة

تؤكد قفراج انه من الضروري اليوم التركيز، في مشروع مراجعة مجلة المياه ، على التحكم في الطلب على المياه وليس العرض فقط كما تقترح دراسة نشرها مؤخرا المرصد التونسي للاقتصاد.  

وتتساءل الخبيرة " الى متى ستواصل الفلاحة السقوية استغلال 80 بالمائة من مواردنا المائية رغم ضعف مردوديتها ؟ وتضيف " ففي تونس كل متر مكعب من المياه المستخدم في الري يحقق فقط ربحا في حدود 0،6 دولار لكن لو وجهنا هذا الكم نحو القطاع الصناعي لامكننا كسب 80 دولارا".  

وطرح السؤال المتعلق بعدم النجاعة الاقتصادية لاستخدام المياه في الري ، كذلك، من قبل دراسة نشرها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجة سنة 2019 وخلصت الى ضرورة تقليص المساحات السقوية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه (زراعة الطماطم والغنب والرمان...).  

واشارت الدراسة الى "ان هذه الزراعات السقوية تستحوذ على 25 بالمائة من حجم المياه المخصص للقطاع الفلاحي لكنها لا تمثل سوى 11 بالمائة من قيمة الصادرات الفلاحية" .  

واكدت الدراسة على ان تونس "مدعوة اليوم الى توريد حاجياتها الضرورية من المواد الفلاحية كثيرة الاستهلاك للمياه لتعديل النقص المحلي على مستوى الغذاء والمياه مع تصدير المنتوجات الاقل استهلاكا للمياه وذات القيمة المضافة العالية ".  

وشدد معدو الدراسة على ضرورة " مزيد تثمين الفلاحة البعلية التي لها دور مرتفع في الصادرات لكن انعكاسها المباشر على الموارد المائية ضعيف".  

وترى الخبيرة روضة قفراج ، في نفس السياق، ان الفلاحة البعلية تشكل أكبر خزان طبيعي قادر على المحافظة على المياه، ولكن لاسف لم تدرج ضمن مجلة المياه على حد تعبيرها.  

ودعت الخبيرة ، كذلك، الى الترفيع في معلوم استهلاك المياه قائلة " يجب رفع هذا المعلوم مع حماية الفئات الضعيفة من خلال ارساء نظام دعم على غرار ذاك المطبق في الهند وهذا من شانه ان يساهم في ترشيد استهلاك المياه وتقليص اهداره".  

ويتقاسم المسؤول عن قطاع الأرض والمياه بالمكتب الاقليمي لمنظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة لشمال افريقيا " عبد الرحمان مكي ، مع فقراج ، الافكار المتصلة بسعر المياه ، من خلال قوله " المياه تباع اليوم بمعلوم ادني من كلفتها ".  

ويعتقد الخبير الأممي ، كذلك ، ان مجابهة التغيرات المناخية التي تغذي الشح المائي في تونس تتطلب استغلال وتوفير مصادر المياه غير الاعتيادية على غرار المياه المعالجة و التجفيف نظرا لانها تشكل موارد متاحة الى جانب استخدام التكنولوجيات في قطاع المياه.  

وهذا التوجه الأخير اي التكنولوجي أوصت به الدراسة التي اعدها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية والتي أشارت الى تونس ليس لديها خيار آخر في قطاع المياه الا بالدخول في العصر التكنولوجي لضمان التوازن بين العرض والطلب في قطاع المياه .    

وتقترح الدراسة على سبيل المثال ، تحلية المياه من خلال استخدام الطاقة الشمسية وجهر السدود وترشيد الخارطة الفلاحية وذلك لضمان توفير امدادات المياه.  

وستستمر التغيرات المناخية في التربص بالموارد المائية لتونس خاصة مع ظاهرة النمو السكاني وسيتجه مؤشر الطلب على المياه الى الارتفاع اذا لم يتم التدخل الآن واتخاذ خطوات لتلافي ظاهرة شح المياه التي يمكن ان تحيلنا يوما ما على مشهد النضوب.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة