13/02/2019

بمبادرة من مديرها..المدرسة الاعدادية ابن رشد في الدندان تتحول إلى فضاء للإبداع

تحولت المدرسة الاعدادية ابن رشد بالدندان من ولاية منوبة إلى تحفة فنية تزدان جدرانها وقاعاتها بمجموعة من اللوحات الفنية والرسومات الجدارية، وأصبحت فضاء تشكيليا ينبض بالحياة المفعمة بالنقوش والألوان.  

هذا التحول النوعي الذي شهدته المؤسسة التربوية يقف وراءه مديرها ، وهو مرب آمن بأن من يزرع سيحصد لا محالة، فبث الحماس وروح العطاء في جميع من حوله، وخاصة في قلوب الناشئة على أمل أن تزهر هذه القيم يوما وتثمر عطاء وبناء.    

مكرم الصمعي وهو خريج الفنون الجميلة، يعتبر أن إدارة مؤسسة تربوية هو تكليف قبل أن يكون تشريفا، يعتقد كذلك أنه ليس عابر سبيل ويريد أن يترك البصمة والاثر الجميل، وأن يتقاسم لمسة جمال وإحساس بالعطاء مع زملائه وأبنائه التلاميذ، يؤمن بان للجمال لغة يجب تعليمها للناشئة، ويسعى إلى تلقينهم كيفية التعاطي مع المساحة اللونية وسيلة للتعبير ولشحذ المشاعر والطاقات.  

هذا المربي انتفض يوما وقدم استقالته من ادارة المؤسسة التربوية في نوفمبر المنقضي بعد ان حاصرته الصعوبات وأحبطته قلة الإمكانيات ولكن سرعان ما اتخذ من الريشة والألوان ومن جدران المؤسسة اداة لنفضغبار المعاناة من على نفسه الحالمة التواقة الى الابداع، مفجرا حماسه في التغيير، وفي تحويل المؤسسة الى ورشة رسم وفن لا تنتهي يساهم فيها الاساتذة والتلاميذ .  

تخطَّت الجداريات والرسوم في هذا الفضاء حاجز الاشكال والالوان، وتحولت الافكار روابط قوية بين التلميذ ومؤسسته التربوية، فالسبورات القديمة تحولت الى لوحات في قاعة المسرح، والطاولات المهشمة اصبحت جداريات، و تحول حديدها إلى أسيجة زينت الحديقة والجدران.  

وفق رؤية المدير التربوية البيداغوجية، فإن التلميذ هو شحنة من الطاقات والأفكار يجب تبنيها والايمان بها وتوجهيها، ومن هذا المنطلق تواصل مع تلاميذ المؤسسة، وتبادل معهم الافكار، مانحا إياهم مساحة كبيرة من الحرية لتصور جمالية فضائهم المدرسي كما يريدونها هم.  

ويضيف "من تلك المساحة انساب بحر الافكار والطاقات والحماس، إذ شارك التلاميذ في قرار تحسين مدرستهم، واثروا على عائلاتهم التي شاركتهم حماسهم بدورها، وأبدت رغبتها فعلا في المساعدة، لتشمل الاشغال الرسم والتزويق ونظافة القاعات والساحات، وترميم مكتب الغيابات الذي تعرض للاتلاف والحرق في اكثر من مناسبة، وآخرها قبل ايام، فضلا عن القيام بأشغال بستنة وزراعة نباتات ساهمت فيها بلدية الدندان، وتم خلالها زراعة 400 نبتة .    

لم ينعم المدير وعدد من التلاميذ وأغلبهم من النجباء بطعم العطلة، بل استثمروها لتحسين مظهر المؤسسة التي تجلب الناظر بلوحاتها، وبمشاهدها التشكيلية الجميلة، وبقاعاتها المزدانة وخاصة قاعات الاعلامية والمسرح . هنا يوضح المدير انه بمجهود كبير من أساتذة الاعلامية والتلاميذ تم تهيئة القاعة وتحويلها من فضاء باهت بلا روح الى فضاء جميل تغمره الالوان ولوحات الزينة ، وكذلك قاعة المسرح التي تجري اشغالها لتحويلها الى فضاء مسرحي متكامل.  

يقول مكرم الصمع: "الفكرة انطلقت من رسكلة كل ماهو قديم، فاالسبورات المتلفة والمهملة، والطاولات المكسرة التي طالما حملت ذكريات أجيال وأجيال لم نتخلص منها وحولناها الى محامل جيدة مستغلة بفن وذوق" .  

ورغم محدودية الامكانيات بالمدرسة، تتواصل الافكار الخلاقة لتحسين الاداء التربوي، ولخلق فضاء يطيب فيه التعليم، ولأداء الرسالة التربوية، من ذلك تركيز نوادي على غرار فضاء اللغة الفرنسية والانقليزية وفضاء لغة الضاد، وفضاء الموسيقى، وفضاء الحضارة الانسانية الذي سيتحول إلى متحف،حسب تأكيد مدير المدرسة الاعدادية، وذلك بمساهمة واسعة من الاساتذة والإطار الاداري .  

ونوه المدير بالتفاعل الإيجابي والتشجيع الذي لاقته هذه البادرة من مختلف الأطراف، من تلاميذ واطار تربوي واداري، وأشاد بحس المواطنة العالي للأولياء الذين هبوا للمساعدة، وبدعم بلدية المكان، معربا عن الامل في أن تقدم وزارة التربية دعمها في ما يتعلق بتحسين البنية التحتية.  

من جهة أخرى، وفي اطار التفاعل مع التلاميذ كجزء لايتجزا من المنظومة التربوية، تركز الاهتمام كذلك على الدعم النفسي، وعلى تحسين سلوكيات بعض التلاميذ من خلال برنامج مشترك مع بلدية الدندان وجمعية "اسرتي"، وسيشمل 30 تلميذا، بحسب ما أفادت به رئيسة لجنة المساواة وتكافؤ الفرص ببلدية الدندان، سهام بن علي.  

وسينفذ البرنامج على امتداد السنة الدراسية الحالية، من خلال تقديم حصص إحاطة نفسية وتحسيسية لعدد من التلاميذ حول العديد من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، على غرار الادمان الالكتروني، واستهلاك المخدرات، فضلا عن دعم تواصلهم مع الاخر وتعزيز ثقتهم بالنفس.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة