17/10/2020

الاقبال على الزقوقو بين مطرقة الغلاء وسندان التلذذ بالعادات الاستهلاكية

  وكالة تونس إفريقيا للأنباء

على غرار مختلف المناسبات والاعياد الدينية، فان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أصبح يتزامن مع مناسبة استهلاكية لدى الأسر التونسية التي تقبل عادة خلال هذه الفترة على شراء مادة الصنوبر الحلبي لإعداد طبق عصيدة الزقوقو الشهيرة في تونس.

وتعد تونس من الدول الإسلامية القلائل التي تستغل الصنوبر الحلبي (منتوج غابي صرف) لتحويله إلى مادة غذائية يتم الاقبال عليها بشراهة ما جعل أسعار هذه المادة تقفز الى مستويات كبيرة لم تعد تقدر عليها العديد من العائلات.

ومع اقتراب موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لهذه السنة (29 أكتوبر)، يستأثر شراء مادة الزقوقو بنقاش جل ربات البيوت والدخول في جدال بين من تحرص على الشراء وبين من تسعى الى تأجيل الشراء إلى ما بعد المولد النبوي

والمتابع لأهم موقع لبيع الفواكه الجافة في تونس العاصمة وتحديدا نهج اسبانيا أين يتموقع عشرات المحلات، يلاحظ حتما الحركية من التجار والمواطنين بدرجة أولى ليغص هذا النهج بالمارة في رحلة بحث مضنية وسط الزحام من أجل العثور على حبات الصنوبر الحلبي السوداء.

وبين من يقف أمام محلات بيع الفواكه الجافة لتقصي أسعارها يرابط البعض الاخر أمام المحلات لشراء الزقوقو.

ولم تخل هذه المتاجر من المواطنين الذين تسارعوا لاقتناء مادة " الزقوقو" بالرغم من الارتفاع المشط في أسعارها الذي لم يسبق له مثيل وذلك مقارنة بالسنوات المنقضية ووفق ما عاينته موفدة وكالة تونس افريقيا للأنباء، يبدو ان اعداد "عصيدة الزقوقو" سيكون صعب المنال هذه السنة على جيوب التونسيين الشغوفين بها باعتبار الارتفاع الجنوني في سعر هذه المادة لتصل هذه السنة الى 36 دينار للكيلوغرام الواحد مقابل 26 دينارا في السنة الماضية .

أما بالنسبة إلى الزقوقو المعلب(المرحي ) فقد شهد بدوره ارتفاعا اين بلغ النصف كيلوغرام منه 500ر19 دينارا مقابل 500ر14 دينارا خلال سنة 2019، هذا وقد تمت ملاحظة الترفيع التدريجي في سعر مادة الزقوقو من 32 دينارا قبل اسبوعيين الى 36 دينار خلال هذا الاسبوع مع تسجيل نقص واضح في توفر هذه مادة (حبوب) في حين توفر الزقوقو المعلب الذي سجل ارتفاعا بقيمة 2 دينار في ظرف اسبوع واحد وذلك للنصف كيلوغرام منه.

 كما تعرف أسعار الفواكه الجافة قفزة نوعية بين كل حين واخر وهي مسألة لم يعد المواطن قادرا عليها بسبب الاهتراء المتواصل لمقدرته الشرائية ووضعيته الاجتماعية الصعبة إذ يتراوح سعر اللوز ما بين 27 و47 دينار وسعر الفستق ما بين 65 و72 دينارا والبوفريوة ما بين 37 و 39 دينارا في حين بلغ ثمن الجوزة 48 دينار والبندق 160 دينارا.  

بين غلاء الاسعار و العادات الغذائية

وتذمر عدد من المواطنين في تصريح لموفدة وكالة تونس إفريقيا للأنباء من الارتفاع المتواصل لأسعار مادة "الزقوقو" التي ما فتئت تسجل ارتفاعا ملحوظا من سنة الى أخرى ما جعلها مادة نادرة في السوق و سببا في حرمانهم من طهي أشهر الاطباق والعادات الغذائية المقترنة بذكرى المولد النبوي والتي تتصدر الاحتفالات في بيوت الاف التونسيين.

ودعا شق آخر من المواطنين الى ضرورة مقاطعة شراء مادة الصنوبر الحلبي "الزقوقو" والعودة الى العادات القديمة بطهي العصيدة التقليدية في حين أكد عدد اخر من المواطنين انهم مجبرون على اقتناء الزقوقو نظرا لشغفهم بتناول هذه المادة خلال المولد النبوي الشريف من جهة واقتداءا بالعادات من جهة اخرى ليجدوا أنفسهم مضطرين إلى شرائه رغم غلاء الأسعار.

ويعج نهج اسبانيا بالمواطنين الذين لا زالوا يتصيدون الفرص علهم يعثرون على محلات تبيع هاته المادة "الثمينة" في مثل هذا التوقيت بأسعار مناسبة.

 وتراهم مرابطين امام المحلات يراقبون بورصة أسعار مادة الزقوقو املين في نزول سعرها مع قرب موعد المولد النبوي (29 أكتوبر 2020).

واوضح عدد من تجار الفواكه الجافة بنهج اسبانيا ل زكالة تونس إفريقيا للأنباءانهم تضرروا تجاريا ايضا من ارتفاع اسعار الزقوقو على مستوى الإنتاج بسبب عدم توفر هذه المادة خلال هذه الفترة من السنة مما جعلهم مضطرين الى بيع الزقوقو المعلب فقط مؤكدين تراجع الاقبال عليه من طرف المواطنين وذلك بسبب الارتفاع المشط في أسعاره.  

من الضروري مقاطعة غلاء أسعار الزقوقو

ومن جهته دعا رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله في تصريح لـوكالة تونس إفريقيا للأنباء، النساء خاصة إلى مقاطعة شراء مادة الزقوقو هذه السنة ايضا لإحباط تلاعب المضاربين بالأسعار وايقاف نزيف غلاء هذه المادة الذي ما فتئ يرتفع ثمنها من سنة الى أخرى.

واكد تمسك المنظمة بموقفها الذي اتخذته منذ سنوات والمتمثل في ترسيخ ثقافة المقاطعة لدى المستهلك محملا في هذا الصدد المسؤولية للمواطن التونسي للقيام بدوره على اكمل وجه ومقاطعة اقتناء "الزقوقو" خلال هذه الفترة والاكتفاء ب"العصيدة التقليدية المتكونة من السميد وزيت الزيتون والسكر.

وأبرز انه بإمكان تناول عصيدة الزقوقو على مدى السنة الكاملة والابتعاد عن ذروة الاقبال على هذه المادة تزامنا مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

وأشار الى ان منظمة الدفاع عن المستهلك لن تعطي قيمة كبيرة لمسالة غلاء الزقوقو خصوصا بعد ترسخ ثقافة المقاطعة في عديد المواد لدى افراد الشعب.  

التعويل على منتوح العام الفارط

وقال مدير وكالة استغلال الغابات التابعة لوزارة الفلاحة محمد مختار ان الكميات المخزنة لدى تجار الزقوقو في ولاية سليانة (وهي أهم منطقة انتاج في تونس) تقدر بنحو 65 طنا بالإضافة الى الكميات المتواجدة في مسالك التوزيع (لدى التجار الصغار والمحولين).

وأضاف ان جميع الكميات المتوفرة حاليا في الأسواق مخزنة منذ الموسم الفارط خصوصا وان الانطلاقة الفعلية لجني حبات الصنوبر الحلبي للموسم الحالي (2021/2020 ) ستكون يوم غرة نوفمبر القادم وينتهي مع نهاية شهر افريل 2021.

واعتبر المسؤول ان خلال السنوات القليلة القادمة سيتم استغلال ما يتم تخزينه فقط وذلك نظرا لعدم توافق موسم الانتاج مع تاريخ المولد النبوي الشريف، مؤكدا ان تونس بلد منتج لمادة الصنوبر الحلبي "الزقوقو" خصوصا وان المساحات القابلة للاستغلال تقدر بأكثر من 70 ألف هكتار.

ولفت في المقابل الى عدم الاقبال الكبير على استغلال هذه المساحات الهامة بالغابات اين يتم فقط سنويا استغلال ما بين 20 و25 بالمائة من مساحات التي توفرها الوكالة والتي تنتج بدورها ما بين 70 و80 طنا من الزقوقو.

ولاحظ ان هذه الكميات وهو ما يستجيب لحاجيات السوق وفق تعبيره وقال انه في صورة استغلال كل المساحة المقترحة من ادارة الغابات فانه بالإمكان انناج 300 طن من الزقوقو وهو ما يمثل اضعاف حاجيات السوق مبرزا ان ضعف الاقبال على استغلال هذا المنتوج يعود الى تخصص مجموعات بعينها دون أخرى.

كلمات مفاتيح

الاكثر قراءة